رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
انتهت انتخابات مجلس الشورى بنجاح كبير، وتم اختيار 29 مرشحاً لعضوية المجلس الجديد بعد فوز دائرة واحدة بالتزكية، بعد تنافس قوي وطويل، لكنه تنافس شريف ونبيل هدفه التسابق من أجل خدمة الوطن، وهو سباق الكل فيه فائز، ناخبين ومرشحين ومشرفين على العملية الانتخابية.
تدخل البلاد اليوم مرحلة جديدة تعزز العملية التشريعية وتمنحها مزيداً من المؤسسية والمشاركة الشعبية في صنع القرار والاعتماد على حكم القانون. وهي تجربة تقدم لنا جميعا العديد من العبر والدروس المستفادة منها، منذ صدور القرار الأميري بإجراء انتخابات مجلس الشورى وحتى لحظة الإعلان عن نتائج الانتخابات والاستعداد لمرحلة جديدة في البناء التشريعي للدولة.
لقد جرت عمليات تسجيل الناخبين في أجواء تسودها الروح الإيجابية والرغبة في خدمة الوطن، فكانت هذه المرحلة ناجحة ومبشرة ووضعت الأسس لما يليها من خطوات. وأعقب تلك الخطوة مرحلة تسجيل المرشحين وفقاً للوائح والقوانين المنظمة لعملية الترشح والطعون والاستعداد لخوض هذه التجربة الجديدة، وجرت هذه العملية أيضاً بنجاح وبدقة وبروح حضارية.
وباكتمال هذه المرحلة دخلت العملية الانتخابية المرحلة الثالثة وهي مرحلة الدعاية الانتخابية والتي كشفت عن برامج طموحة لدى المرشحين وتفاعل كبير من كافة قطاعات المجتمع لاختيار العضو المناسب والقادر على خدمة الوطن والمواطن.
وكشفت البرامج الانتخابية عن رغبات وطموحات المواطنين والمرشحين معاً، حيث تركزت البرامج في مجالات حيوية وتنوعت بين السياسي، والتشريعي، والخدمي والاجتماعي. وقد سيطرت ملفات مثل قضايا المتقاعدين وحقوق ما بعد الخدمة على هذه البرامج. وكانت قضايا النساء والشباب والطفل والأرامل وذوي الاحتياجات في أولوية هذه البرامج ووجدت الاهتمام من المرشحين والناخبين معاً. وكانت ملفات التعليم والصحة من الخدمات الملحة التي جذبت اهتمام الجمهور.
ومن العبر المستفادة من هذه التجربة الوعي الكبير لدى المواطنين، فقد انحصر التنافس الانتخابي على البرامج وليس الأشخاص وعلى الواقعية وليست الوعود البراقة غير القابلة للتنفيذ، مما يعكس وعياً سياسياً كبيراً يدعو للتفاؤل والاعتداد بهذه التجربة الجديدة التي قدمت نموذجاً رائعاً ورائداً على مستوى المنطقة.
وقبل أن نهنئ الفائزين علينا أن نهنئ المواطنين بنجاح أول تجربة انتخابية في مناخ علت فيه حقوق الوطن والمواطنة على المكاسب والطموحات الشخصية.
ونهنئ الناخبين الذين توافدوا في وقت مبكر وحرصوا على المشاركة في انتخاب الأعضاء الثلاثين الفائزين بمقاعد مجلس الشورى، من بين 233 مرشحاً، حيث شهدت لجان الاقتراع إقبالاً كبيراً ورغبة حقيقية في المشاركة في الانتخابات.
ومن واجبنا أن نهنئ المشرفين على العملية الانتخابية لما لمسناه من سهولة الإجراءات والتنظيم الذي قامت به وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للقضاء والجهات ذات الصلة بإدارة العملية الانتخابية في كل مراحلها.
ومن إيجابيات هذه التجربة أيضاً المشاركة الفعالة للمرأة القطرية حيث توجه آلاف النساء للإدلاء بأصواتهن واختيار مرشحيهن، كما تنافست 26 سيدة على الفوز بمقاعد في مجلس الشورى في الانتخابات وهي نسبة تعكس المكانة المتميزة التي تتمتع بها المرأة في المجتمع القطري.
وتكشف هذه التجربة الانتخابية عن نجاحات متعددة في ترسيخ بناء دولة القانون والمؤسسات وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين، وبما يكفل مشاركة الجميع في مسيرة التنمية والتطوير والتحديث، وبقدر النجاح الذي تحقق في هذه المرحلة فإننا موعودون بالمزيد من الإنجازات في المستقبل بمشيئة الله.
انتهت مرحلة مهمة في مسيرة البناء التشريعي وهي انتخاب عضوية المجلس، لتبدأ مرحلة أكثر أهمية وهي العمل الجاد والمفيد الذي يحقق طموحات وتطلعات الناخبين وهي المهمة الأساسية التي جرت الانتخابات من أجلها. ولا شك أن العملية الانتخابية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل هي وسيلة لبناء دولة القانون والمؤسسات والمشاركة في صنع القرار واستلهام آراء وأفكار وطاقة المجتمع وموارده في عملية البناء وصناعة المستقبل.
أمام مجلس الشورى المنتخب مهام وملفات كبيرة بقدر طموحات أهل قطر وبقدر البرامج الانتخابية التي أعلنها الأعضاء قبل انتخابهم، ولا شك أن البرامج الانتخابية هي في الأساس عهود وعقود بين الناخب والمرشح وبدون تنفيذها يكون المرشح قد أخل بأهم بنود العلاقة بين الطرفين. وعلى جميع الأعضاء، وهم يتحملون أمانة التكليف، أن يتصدوا لهذه المهمة، وهم على قدر هذا الواجب، ويدركون أنهم حلقة الوصل بين المواطن والحكومة وهم الجهة التي تتحدث بلسان المجتمع بكامله، وهم الأمناء على هذا التكليف.
ونذكّر أعضاء الشورى المنتخبين بالبرامج التي جذبت الجمهور ودفعته للتصويت والاهتمام بهذه التجربة وهي ملفات مهمة تتمثل في قضايا التقاعد والإسكان والتعليم والصحة والمرأة والأرامل والطفل ومشروعات البنية التحتية وتمكين الشباب والتأهيل والتوظيف وملفات التشريع واستكمال المهام القانونية لكثير من الخدمات التي بذلت فيها الدولة الكثير من العمل الإيجابي، والمهام الجديدة تتمثل في إشراك المواطنين في مهمة البناء.
ورسالة أخرى نضعها في بريد الذين لم يحالفهم الحظ هذه المرة مفادها أن الطريق في خدمة الوطن طويل، وأمامهم فرص قادمة.
سيكون من نصيبهم شرف هذا التكليف بلا شك. نعم الكل فائز في هذه التجربة الانتخابية، ناخبون ومرشحون وفائزون، لأن الفائز الحقيقي هو الوطن.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله في ميادين العمل القانوني، حيث بدأت العديد من مكاتب المحاماة في مختلف الدول تستعين بتطبيقاته. غير أن هذه الاستعانة قد تثير، في بعض الأحيان، إشكالات قانونية حول مدى الاستخدام المنضبط لهذه التقنيات، ولا سيما عند الاعتماد على مخرجاتها دون التحقق من صحتها ودقتها، وهو ما تجلى بوضوح في حكم حديث صادر عن محكمة قطر الدولية، حيث تصدت فيه المحكمة لهذه المسألة للمرة الأولى في نطاق قضائها. فقد صدر مؤخراً حكم عن الدائرة الابتدائية بالمحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال، (المعروفة رسمياً باسم محكمة قطر الدولية)، في القضية رقم: [2025] QIC (F) 57 بتاريخ 9 نوفمبر 2025، بشأن الاستخدام غير المنضبط وسوء توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل القانوني. وقد ورد في حيثيات الحكم أن أحد المترافعين أمام المحكمة، وهو محامٍ يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة المقيدة خارج دولة قطر، كما هو واضح في الحكم، قد استند في دفاعه إلى أحكام وسوابق قضائية نسبها إلى المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال. غير أن المحكمة، وبعد أن باشرت فحص المستندات والتحقق من الوقائع، تبين لها أن تلك السوابق لا وجود لها في سجلاتها الرسمية، ولم تصدر عن أي من دوائرها، وأن ما استند إليه المترافع إنما كان من مخرجات غير دقيقة صادرة عن أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة في أحد محركات البحث الإلكترونية المعروفة، والتي عرضت أحكاما وسوابق قضائية وهمية لا أصل لها في الواقع أو في القضاء.وقد بينت المحكمة في حيثيات حكمها أن السلوك الذي صدر عن المحامي، وإن بدا في ظاهره خطأ غير مقصود، إلا أنه في جوهره يرقى إلى السلوك العمدي لما انطوى عليه من تقديم معلومات غير صحيحة تمثل ازدراء للمحكمة. وقد أشارت المحكمة إلى أنه كان بوسع المحامي أن يتحقق من صحة السوابق والأحكام القضائية التي استند إليها لو أنه بذل العناية الواجبة والتزم بأدنى متطلبات التحقق المهني، لا سيما وأن جميع أحكام المحكمة متاحة ومتوفرة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي. وانتهت المحكمة إلى أن ما صدر عن المحامي يُشكل مخالفة صريحة لأحكام المادة (35.2.5) من القواعد والإجراءات المتبعة أمام المحكمة المدنية والتجارية لمركز قطر للمال لسنة 2025، والتي نصت على أن إعطاء معلومات خاطئة أو مضللة يُعد مخالفة تستوجب المساءلة والجزاء. كما أوضحت المحكمة أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بوجه عام، في ميدان التقاضي هو أمر مرحب به لما يوفره من نفقات على أطراف الدعوى، ويُسهم في رفع كفاءة الأداء متى تم في إطاره المنضبط وتحت رقابة بشرية واعية. إذ إن الاعتماد عليه دون تحقق أو مراجعة دقيقة قد يفضي إلى نتائج غير محمودة. وقد أشارت المحكمة إلى أنها المرة الأولى التي يُستأنس فيها أمامها بأحكام منسوبة إليها لم تصدر عنها في الأصل، غير أنها أوضحت في الوقت ذاته أنّ مثل هذه الظاهرة قد ظهرت في عدد من الدول على خلفية التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني. وفي هذا الإطار، أشارت المحكمة إلى ما قضت به محكمة بولاية نيويورك في قضية Mata v. Avianca Inc (2023)، إذ تبين أن أحد المحامين قدم مذكرات قانونية اشتملت على أحكام وسوابق مختلقة تولدت عن استخدام غير دقيق لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أشارت المحكمة إلى حكم آخر صادر عن محكمة بالمملكة المتحدة في قضية Ayinde v. Haringey (2025)، والذي أكد على وجوب المراجعة البشرية الدقيقة لأي نص قانوني أو سابقة قضائية يُنتجها الذكاء الاصطناعي قبل الاستناد إليها أمام القضاء، باعتبار ذلك التزاماً مهنياً وأخلاقياً لا يجوز التهاون فيه.كما لفتت المحكمة إلى أن ظواهر مماثلة قد لوحظت في بعض القضايا المنظورة أمام المحاكم في كندا وأستراليا، ويُظهر ذلك اتساع نطاق هذه الظاهرة وضرورة إحاطتها بضوابط مهنية دقيقة تكفل صون نزاهة الممارسة القانونية واستقلالها. وقد بينت المحكمة أنها بصدد إصدار توجيه إجرائي يقضي بأن الاستناد والإشارة إلى أي قضية أو مرجع أمام المحكمة في المستقبل دون التحقق من صحته أو من مصدره يُعد مخالفة تستوجب الجزاء، وقد يمتد أثرها إلى إعلان اسم المحامي ومكتبه في قرار المحكمة. وفي تقديرنا، يُعد هذا التوجه خطوة تُعزز مبادئ الشفافية، وتُكرس الانضباط المهني، وتُسهم في ردع أي ممارسات قد تمس بنزاهة الإجراءات القضائية وسلامة العمل القانوني. وفي الختام، نرى أن حكم محكمة قطر الدولية يُشكل رسالة مفادها أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، فإن أُحسن توظيفه كان عوناً في البحث والتحليل والاستدلال، أما إذا أُطلق دون رقابة أو وعي مهني، فقد يُقوض نزاهة التقاضي بين الخصوم ويُعد مساساً بمكانة المحكمة ووقارها.
2271
| 30 نوفمبر 2025
عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن التقاضي في مجال التجارة والاستثمارات وذلك بإصدار القانون رقم 21 لسنة 2021 المتعلق بإنشاء محكمة الاستثمار مختصة للنظر في الدعاوى المتعلقة بالاستثمار والأعمال التجارية لتبت فيها وفق إجراءات وتنظيم يتناسب مع طبيعة هذه النوعية من القضايا. وتعكس هذه الخطوة القانونية الهامة حرص المشرع القطري على تطوير المناخ التشريعي في مجال المال والأعمال، وتيسير الإجراءات في القضايا التجارية التي تتطلب في العادة سرعة البت بها مع وجود قضاة متخصصين ملمين بطبيعتها، وهذه المميزات يصعب للقضاء العادي توفيرها بالنظر لإكراهات عديدة مثل الكم الهائل للقضايا المعروضة على المحاكم وعدم وجود قضاة وكادر إداري متخصص في هذا النوع من الدعاوى. وجاء القانون الجديد مكونا من 35 مادة نظمت المقتضيات القانونية للتقاضي أمام محكمة الاستثمار والتجارة، ويساعد على سرعة الفصل في القضايا التجارية وضمان حقوق أطراف الدعوى كما بينت لنا المادة 19 من نفس القانون، أنه يجب على المدعى عليه خلال ثلاثـين يوماً من تـاريخ إعلانه، أن يقدم رده إلكترونياً وأن يرفق به جميع المستندات المؤيدة له مع ترجمة لها باللغة العربية إن كانـت بلغة أجنبية، من أسماء وبيانات الشهود ومضمون شهاداتهم، وعناوينهم إذا كان لذلك مقتضى، ويجب أن يشتمل الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع الشكلية والموضوعية والطلبات المقابلة والعارضة والتدخل والإدخال، بحسب الأحوال. وعلى مكتب إدارة الدعوى إعلان المدعي أو من يمثله إلكترونياً برد المدعى عليه خلال ثـلاثـة أيام ولكن المادة 20 توضح لنا أنه للمدعي أن يُعقب على ما قدّمه المدعى عليه من رد وذلك خلال (خمسة عشر يوماً) من تاريخ إعلان المدعي برد المدعى عليه إلكترونياً. ويكون للمدعى عليه حق التعقيب على تعقيب المدعي (خلال عشرة أيام على الأكثر) من تـاريخ إعلانه إلكترونياً وبعدها يُحال ملف الدعوى إلكترونياً للدائرة المختصة في أول يوم . لانتهاء الإجراءات المنصوص عليها في المواد (17)، (19)، (20) من هذا القانون، وعلى الدائرة إذا قررت إصدار حكم تمهيدي في الدعوى أن تقوم بذلك خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ الإحالة، ليتضح لنا اهتمام المشرع بضمان تحقيق العدالة الناجزة. وتتألف هذه المحكمة من دوائر ابتدائية واستئنافية، وهيئ لها مقر مستقل ورئيس ذو خبرة في مجال الاستثمار والتجارة كما هيئ لها موازنة خاصة وهيكل إداري منظم، وسينعقد الاختصاص الولائي لها حسب المادة 7 في نزاعات محددة على سبيل الحصر تدور كلها في فلك القطاع التجاري والاستثماري. وإيمانا منه بطابع السرعة الذي تتطلبه النزاعات التجارية كما حدد هذا القانون مددا قصيرة للطعون، إذ بخلاف المدد الزمنية للطعن بالاستئناف في القضايا العادية أصبح ميعاد الاستئناف أمام هذه المحكمة (15 يوما) من تاريخ الإعلان، و7 أيام بالنسبة للمسائل المستعجلة والتظلم من الأوامر على العرائض والأوامر الوقتية، (و30 يوما بالنسبة للطعن بالتمييز). ومن أهم الميزات التي جاء بها أيضا قانون إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة ما سمته المادة 13 «النظام الإلكتروني» والذي بموجبه سيكون أي إجراء يتخذ في الدعوى يتم إلكترونيا سواء تعلق بتقييد الدعوى أو إيداع طلب أو سداد رسوم أو إعلان أو غيره، وذلك تعزيزا للرقمنة في المجال القضائي التجاري، وتحقيقا للغاية المنشودة من إحداث قضاء متخصص يستجيب لرؤية قطر المستقبلية. ونؤكد ختاما أن فكرة إنشاء محكمة خاصة بالمنازعات الاستثمارية والتجارية في دولة قطر يعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني منها العوامل التي جعلت دولة قطر وجهة استثمارية مميزة على مستوى المنطقة والعالم وجعلها تتمتع ببيئة تشريعية قوية متقدمة تدعم الاستثمارات وتحمي حقوق المستثمرين. وتساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتعزز من مكانتها الدولية في المجال الاقتصادي لكن هذا المولود القضائي يجب أن يستفيد من التجارب المقارنة في المحاكم التجارية بالبلدان الأخرى لتفادي الإشكالات والصعوبات التي قد تطرح مستقبلاً ليكون رمزاً للعدالة الناجزة التي تسعى إليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
1743
| 25 نوفمبر 2025
أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية والعربية للسياحة العائلية بشكل خاص، فضلاً عن كونها من أبرز الوجهات السياحية العالمية بفضل ما تشهده من تطور متسارع في البنية التحتية وجودة الحياة. ومع هذا الحضور المتزايد، بات دور المواطن والمقيم أكبر من أي وقت مضى في تمثيل هذه الأرض الغالية خير تمثيل، فالسكان هم المرآة الأولى التي يرى من خلالها الزائر انعكاس هوية البلد وثقافته وقيمه. الزائر الذي يصل إلى الدوحة سواء كان خليجياً أو عربياً أو أجنبياً، هو لا يعرف أسماءنا ولا تفاصيل عوائلنا ولا قبائلنا، بل يعرف شيئاً واحداً فقط: أننا قطريون. وكل من يرتدي الزي القطري في نظره اسمه «القطري”، ذلك الشخص الذي يختزل صورة الوطن بأكمله في لحظة تعامل، أو ابتسامة عابرة، أو موقف بسيط يحدث في المطار أو السوق أو الطريق. ولهذا فإن كل تصرّف صغير يصدر منا، سواء كان إيجابياً أو سلبياً، يُسجَّل في ذاكرة الزائر على أنه «تصرف القطري”. ثم يعود إلى بلده ليقول: رأيت القطري … فعل القطري … وقال القطري. هكذا تُبنى السمعة، وهكذا تُنقل الانطباعات، وهكذا يترسّخ في أذهان الآخرين من هو القطري ومن هي قطر. ولا يقتصر هذا الدور على المواطنين فقط، بل يشمل أيضاً الإخوة المقيمين الذين يشاركوننا هذا الوطن، وخاصة من يرتدون لباسنا التقليدي ويعيشون تفاصيل حياتنا اليومية. فهؤلاء يشاركوننا المسؤولية، ويُسهمون مثلنا في تعزيز صورة الدولة أمام ضيوفها. ويزداد هذا الدور أهمية مع الجهود الكبيرة التي تبذلها هيئة السياحة عبر تطوير الفعاليات النوعية، وتجويد الخدمات، وتسهيل تجربة الزائر في كل خطوة. فبفضل هذه الجهود بلغ عدد الزوار من دول الخليج الشقيقة في النصف الأول من عام 2025 أكثر من 900 ألف زائر، وهو رقم يعكس جاذبية قطر العائلية ونجاح سياستها السياحية، وهو أمر يلمسه الجميع في كل زاوية من زوايا الدوحة هذه الأيام. وهنا يتكامل الدور: فالدولة تفتح الأبواب، ونحن نُكمل الصورة بقلوبنا وأخلاقنا وتعاملنا. الحفاظ على الصورة المشرّفة لقطر مسؤولية مشتركة، ومسؤولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية. فحسن التعامل، والابتسامة، والاحترام، والإيثار، كلها مواقف بسيطة لكنها تترك أثراً عميقاً. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لنُظهر للعالم أجمل ما في مجتمعنا من قيم وكرم وذوق ونخوة واحترام. كل قطري هو سفير وطنه، وكل مقيم بحبه لقطر هو امتداد لهذه الرسالة. وبقدر ما نعطي، بقدر ما تزدهر صورة قطر في أعين ضيوفها، وتظل دائماً وجهة مضيئة تستحق الزيارة والاحترام.
1599
| 25 نوفمبر 2025