رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

البروفيسور د. أحمد أويصال

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول
 

مساحة إعلانية

مقالات

462

البروفيسور د. أحمد أويصال

التحديات التي تواجه الحكومة السورية الجديدة

29 سبتمبر 2025 , 02:57ص

بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية وسقوط نظام الأسد، استطاع النظام السوري الجديد أن يحقق بالاعتراف الدولي وبتقدّم ملموس في مسار رفع أو تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، إلا أن بعض العقوبات الأمريكية والأوروبية ما زالت سارية حتى الآن تبقى أهم التحديات في سوريا تتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار وتأمين المساعدات الإنسانية. إذ إن إعادة الإعمار والتنمية لا يمكن أن تتحقق من دون استتباب الأمن. كما أن هجمات إسرائيل بذريعة تدمير أسلحة النظام السابق تُظهر البلاد وكأنها غير آمنة وتثير مخاوف المستثمرين. ورغم أن دعم المجتمع الدولي لسوريا يُعَد مفيداً بشكل عام، إلا أن التوترات لم تنتهِ بعد في عدة مناطق؛ فشرق الفرات ما زال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وفي السويداء تتواصل حالة التوتر لدى الدروز، وعلى الساحل المتوسطي لا تزال هناك بوادر تمرد من الطائفة العلوية-النصيرية وإسرائيل تقف وراء الدروز، بينما تحظى الجماعات الكردية بدعم الولايات المتحدة، وهو ما يفتح الباب لتدخلات دولية إضافية.

بعد الأمن، من أبرز التحديات التي تواجه سوريا الجديدة الاقتصاد. فبسبب الدمار الذي خلّفته سنوات الحرب، لا يزال ملايين الناس بحاجة ماسة إلى المأوى والغذاء والدواء. كما أن خدمة الكهرباء في عموم البلاد لا تتجاوز خمس إلى ست ساعات يومياً، الأمر الذي يجعل من المستحيل تحقيق نهضة صناعية أو تنموية حقيقية من دون توفير الكهرباء. ورغم أن بعض الدول قدّمت مساعدات كبيرة، إلا أن حجم الاحتياجات يفوق ذلك بكثير. وإلى جانب الأراضي الزراعية المدمرة، هناك بيوت وأراضٍ استولى عليها آخرون، فضلاً عن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المهملة، وهو ما سيجعل معالجتها قانونياً عملية صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً.

لقد دمّرت سنوات الحرب الأهلية البنية التحتية في سوريا، كما أن العقوبات التي فرضها الغرب لم تقتصر على النظام، بل دمّرت الاقتصاد السوري وأثّرت بشدة على الشعب أيضاً. واليوم، لا تكفي المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات، إضافة إلى وجود أزمة سيولة نقدية وارتفاع كبير في معدلات التضخم (تقدر حوالي 40 في المائة). إن البطالة والتضخم يرهقان السوريين بشدة. ومثل هذه التحديات تجعل من عودة اللاجئين أمراً أكثر صعوبة، فيما يشتكي العائدون من نقص الكهرباء وضعف البنية التحتية وبطء عمل المؤسسات وسلبية الإدارة. ومن دون معالجة هذه الأزمات، فإن إعادة الإعمار والتنمية وتحقيق السلم الاجتماعي ستظل أهدافاً بعيدة المنال.

تواجه الإدارة السورية الجديدة تحديات كبيرة أيضاً في المجال السياسي. فما زالت هناك خلافات حول مستقبل البلاد وحقوق الأقليات وملامح النظام الجديد. كما تتعرض إدارة «هيئة تحرير الشام» لانتقادات بأنها، رغم الحاجة إلى أن تكون أكثر انفتاحاً على الشعب، ما زالت تتصرف بعقلية ضيقة وبمنطلقات أيديولوجية. ويبدو أن القيادة السياسية تتردد في مسألة تقاسم السلطة وتكريس التعددية، إذ تتعامل أحياناً بعقلية «الثورة والفتح». ورغم أن «هيئة تحرير الشام» أسقطت نظام الأسد، فإن الشعب السوري بمختلف مكوناته قدّم خلال هذه المسيرة أكثر من مليون شهيد.

إن استناد بعض الأنظمة الجمهورية العربية سابقاً إلى «الشرعية الثورية» ورفضها لتقاسم السلطة وإقصائها للشعب قد أدى إلى فشل التنمية وتوترات داخلية خطيرة. ولا يمكن مواجهة التهديدات الخارجية وتلبية المطالب الداخلية إلا من خلال دعم شعبي واسع. أما تهميش المكوّنات الأقلية (بل وحتى بعض فئات السنّة)، فإنه لا يثير الاضطراب الداخلي فحسب، بل يفتح المجال أيضاً أمام القوى الخارجية لاستغلال هذه الفئات وتحريضها. وفي هذا السياق، تسعى الإدارة السورية إلى تعزيز تعاونها مع تركيا وقطر لبذل مزيد من الجهود في إعادة إعمار البلاد وتحقيق التنمية.

يحظى الدعم المادي والمعنوي من دول الخليج بأهمية بالغة، وفي الوقت نفسه تحتاج سوريا إلى الاستفادة من التجربة التركية في مجالي التنمية الاقتصادية والسياسية، لما بين البلدين من تشابه في الظروف. غير أن إرادة المساعدة من الدول المجاورة إن لم تجد شريكاً جاداً ومشاريع عملية واضحة، فإنها ستفتر مع مرور الوقت. ورغم أن إقصاء نظام الأسد والاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة يمثلان مكسباً سياسياً، إلا أن جدواهما تبقى محدودة ما لم تُعالج الأزمات العاجلة التي يواجهها الشعب السوري. الاحتفالات تقوي المعنويات ولكن لا تضمن النجاح. إن الحفاظ على ثقة السوريين وإبقاء الأمل حيّاً، إلى جانب ضمان استمرار الدعم الإقليمي والدولي، يتطلب رؤية واضحة وخطة شاملة وواقعية. وفي هذا السياق، تبعث الإدارة السورية الجديدة على التفاؤل، لأن الوقت قصير أمامها وأن نجاحها مرهون بسرعة الإنجاز.

اقرأ المزيد

alsharq بالحكمة.. قطر تنتزع اعتذاراً نادراً !

من النادر أن يُقدِم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، المعروف بعناده وصلفه السياسي، على خطوة تُحسب في خانة... اقرأ المزيد

186

| 01 أكتوبر 2025

alsharq غزة.. والحلم خبزة

في مقابلة في إحدى القنوات الإخبارية ظهرت الأم الشابة التي تتحدث بألم وأسى عن الحالة التي وصلوا إليها... اقرأ المزيد

126

| 01 أكتوبر 2025

alsharq استدعاء إرث العدالة في زمن المؤسسات الحديثة

في رحاب معهد الدراسات الجنائية التابع للنيابة العامة في دولة قطر، خضتُ تجربة جميلة وجديرة بالتوثيق، إذ قدّمت،... اقرأ المزيد

156

| 01 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية