رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هديل رشاد

صحفية فلسطينية

مساحة إعلانية

مقالات

180

هديل رشاد

قطر.. بوصلة للسلام

28 سبتمبر 2025 , 03:20ص

خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، من على منبر الأمم المتحدة، ليس خطابًا اعتياديًا، بل رسالة سياسية وإنسانية مركبة، لم يكن بيانا شكلياً في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين لغايات دبلوماسية روتينية، بل خطابا اتسم بتجديد موقف راسخ في زمن يؤمن بأن البقاء للأقوى!، وإعلاناً صريحاً بأن قطر، ورغم استهداف الكيان الغادر لقلب عاصمتها، ستظل صانعة سلام لا تتراجع أمام الضغوط، ولن تكف عن دورها النبيل كوسيط لإيقاف حرب مسعورة على غزة منذ ما يقارب ثلاثة أعوام.

فالقصف الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة لتصفية الوفد المفاوض من قيادات حركة المقاومة الإسلامية «حماس» لم يكن عدوانًا عابرا بقدر ما كان تصرفا غادرا ودنيئا من أحد أطراف الحرب الدائرة، إذ استهدف دولة الوساطة في محاولة يائسة لإسكات صوت يرفض أن يبيع العدالة على طاولة المساومات. فاستهداف قطر لم يكن موجها لسيادتها فقط، بل للنيل من رمزية رسالة الوساطة التي حملتها دائمًا، ومن المسار الذي اختارته حين آمنت أن السلام العادل هو الطريق الوحيد لإنهاء الحروب، لا العنف ولا شريعة الغاب.

ومع ذلك، جاء خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مساء الثلاثاء، مليئا بالقوة والوضوح، مؤكدا موقف قطر الثابت تجاه القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تعد بوصلة كل صاحب مبدأ، فالاعتداء السافر الذي استهدف مدينة الدوحة في التاسع من سبتمبر عزّز إصرارها على المضي قدمًا في حمل الملف الفلسطيني والدفاع عن حق شعبه في الحرية والاستقلال مهما بلغت شراسة الضربات، وهو بمثابة درس للعالم في معنى الالتزام الحقيقي بقيم السلام.

وفي هذا السياق، برزت النقطة المفصلية في خطاب صاحب السمو بالإشارة إلى الاعتراف الأوروبي الأخير بدولة فلسطين، والذي لم يتعامل معه سموه كمجرد لفتة رمزية، بل وضعه سموه في مكانه الصحيح، معتبرا إياه تحولًا نوعيًا في الوعي الدولي، فهذا الاعتراف، وإن جاء متأخرا، إلا أنه أربك المحتل وكسر سرديته التي سعت لعقود إلى شيطنة الفلسطيني وإسقاط حقه في أرضه التاريخية، ليأتي اليوم تثبيتًا لحق الشعب الفلسطيني في أرضه، ودليلًا على أن جدار الإنكار يتصدع وأن العالم بدأ يستعيد شيئًا من بوصلته الأخلاقية، غير أن الاعتراف وحده لا يكفي، فجاء الموقف القطري واضحًا. فهذه الخطوات لا معنى لها إن بقيت حبيسة البيانات الدبلوماسية، والمطلوب أن تتحول إلى فعل سياسي قادر على وقف نزيف الدم وإنهاء الاحتلال، لا أن تبقى كلمات متطايرة في الهواء بينما غزة تواجه إبادة جماعية وتطهيرا عرقيا لم يعرف التاريخ أفظع منه، فلا عدالة بلا إنهاء الاحتلال، ولا سلام بلا دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

ولم يقتصر خطاب صاحب السمو على السياسة وحدها، بل استحضر البعد الإنساني الذي تحاول بعض القوى طمسه تحت ركام الأرقام والبيانات، فاستعاد سموه صور الأطفال الذين يسقطون جوعا وقصفا، والنساء اللواتي يبحثن عن مأوى في مدن منكوبة، والرجال الذين يموتون على أبواب المستشفيات بلا دواء، ففلسطين في خطاب صاحب السمو لم تكن مجرد خطوط جغرافية على خريطة الشرق الأوسط، بل بشر يناضلون للبقاء، وأرواح تطالب العالم ألا يدير ظهره.

لقد رسّخ خطاب سمو الأمير معادلة جديدة في الوعي الدولي أن الدولة الصغيرة جغرافيا قد تكون أكبر بكثير من حيث ثقلها الأخلاقي والسياسي، وأن الوساطة ليست موقع ضعف بل مصدر قوة، لأنها تستند إلى مبدأ ثابت لا إلى مصلحة عابرة، وحين تتعرض هذه الدولة للاستهداف بسبب دورها، فإنها لا تنكسر بل تزداد حضورا، وهنا تكمن خصوصية التجربة القطرية في أنها لم ولن تسمح للقصف بأن يحرفها عن مسارها أو يعرقل مسيرتها في تكريس الدبلوماسية واللجوء إلى طاولة المفاوضات لحل أكثر الملفات تعقيداً، بل حولته إلى فرصة لتذكير العالم أن العدالة لا تموت مهما بلغ الظلم مداه، وأن صوت الوسيط لا يُسكت، وستبقى قطر بوصلة للسلام رغم أنف المتربصين والمعتدين.

ختامًا…

خرجت رسالة دولة قطر من الأمم المتحدة لتقول للعالم إن فلسطين ليست اختبارا للفلسطينيين وحدهم، بل امتحانا لأصحاب الضمير والشرفاء، وامتحانًا للإنسانية جمعاء، وأن استهداف دولة قطر، لم ينجح إلا في جعل موقفها أكثر وضوحاً، وموقعها أكثر رسوخاً في معركة الدفاع عن الحق والعدالة، فقطر ستبقى بوصلة للسلام.

 

اقرأ المزيد

alsharq غزة.. والحلم خبزة

في مقابلة في إحدى القنوات الإخبارية ظهرت الأم الشابة التي تتحدث بألم وأسى عن الحالة التي وصلوا إليها... اقرأ المزيد

117

| 01 أكتوبر 2025

alsharq استدعاء إرث العدالة في زمن المؤسسات الحديثة

في رحاب معهد الدراسات الجنائية التابع للنيابة العامة في دولة قطر، خضتُ تجربة جميلة وجديرة بالتوثيق، إذ قدّمت،... اقرأ المزيد

141

| 01 أكتوبر 2025

alsharq ذوو الاحتياجات والدعم المطلوب

في إطار الاهتمام المتنامي الذي توليه الدولة لفئة التدخل المبكر ورعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، جاءت خطوة... اقرأ المزيد

141

| 01 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية