رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي

مساحة إعلانية

مقالات

96

عبد العزيز عبدالهادي حسن الأحبابي

فلسفة التاريخ عند ابن خلدون

26 سبتمبر 2025 , 12:52ص

يعد عبدالرحمن بن خلدون (1332-1406م) من أعلام الفكر الإسلامي والعالمي، ومن أبرز من أعاد للتاريخ مكانته كعلم يدرس ويحلل، لا مجرد حكايات وأخبار تروى. ففي مقدمته الشهيرة وضع أسسًا منهجية صارمة لدراسة التاريخ، حتى عده كثير من الباحثين مؤسس علم الاجتماع التاريخي.

التاريخ علم لا سرد

لم ينظر ابن خلدون إلى التاريخ باعتباره سردًا متتابعًا للأحداث، بل رأى فيه مجالاً للفحص والتحليل. فالأخبار لا تقبل عنده لمجرد روايتها، وإنما يجب نقدها وتمحيصها بالاعتماد على قوانين العمران البشري، وعلى مدى توافقها مع طبيعة الاجتماعي الإنساني. وهنا تبرز عقلانيته وسبقه على كثير من مفكري الغرب.

العمران ودورة الدول

من أبرز إسهاماته حديثه عن العمران البشري، الذي اعتبره أساسًا لفهم قيام الدول وانهيارها. فالدول عنده تمر بمراحل أشبه بدورة حياة الإنسان: النشأة، القوة، ثم الضعف والاندثار. وتعود هذه الدورة إلى عوامل اجتماعية ونفسية، مثل العصبية، والترف، وضعف القيم. وهذا التحليل يكشف عمق نظرته الفلسفية في فهم التاريخ.

المنهج النقدي

أرسى ابن خلدون قاعدة مهمة في التعامل مع الأخبار التاريخية: «الخبر إذا كان مخالفًا للعقل والسنن الاجتماعية فمردود». وهذا المنهج جعله ناقداً للأوهام والأساطير التي اختلطت في كتب التاريخ، ومميزًا بين ما يبنى عليه فهم حضاري، وما لا يعدو أن يكون خرافة. ما يثير الإعجاب أن أفكار ابن خلدون ما زالت حاضرة اليوم، فحين ندرس أزمات العالم الإسلامي، أو نحلل أسباب سقوط حضارات سابقة، نجد أن رؤيته لدورة الدول والعمران الاجتماعي لا تزال قادرة على تفسير الكثير. ومن هنا تظل فلسفته في التاريخ نبراسًا لكل باحث في الحضارة والنهضة.

خاتمة

ابن خلدون لم يكن مؤرخاً تقليديًا، بل كان فيلسوفًا للتاريخ ومؤسسا لعلم الاجتماع، ومفكرًا سبق عصره. لذلك تبقى دراسته نافعة في قراءة الماضي وفهم الحاضر واستشراف المستقبل. «التاريخ في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات وأصولها عميق» ابن خلدون.

مساحة إعلانية