رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما الذي يجعل إسرائيل حتى هذه اللحظة لا تستجيب لنداءات ومطالبات ومواقف دول كثيرة كان يمكن أن تلزمها بوقف العدوان الآثم على قطاع غزة ؟! وما الذي يجعل حركة المقاومة الفلسطينية حماس ومثيلاتها في غزة تعتبر أن تل أبيب قد هُزمت في غزة اعترفت بذلك أم لم تعترف ؟! الواقع يقول إن نتنياهو يحاول أن ينسب لنفسه أي شكل من أشكال النصر وينقذ نفسه من الامتثال لأحكام قضائية تنتظره يمكن أن تقصيه من الحياة السياسية العفنة التي يعيشها وسط دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وغير غزة، ولذا فإن مجلس الحرب الذي شُكّل منذ السابع من أكتوبر في عام 2023 قد ضم رؤوس الشر والإرهاب من أعضائه الذين يتوقون في كل لحظة لاستنزاف المزيد من الدماء الفلسطينية البريئة ولا يهمهم من عاش من أهل غزة ومن يُستشهد ما دامت الصورة الحقيقية للنصر أمامهم هي أن تزاول إسرائيل لغة القوة والقدرة والهيمنة العسكرية واعتقادها المريض أن استهدافها لكل هؤلاء هو نصر للعمليات العسكرية التي يمكن وصفها بعمليات الإبادة الجماعية العمياء ونزوحها عن هدفها المعلن وهو القضاء على حماس ومن وإلى حماس وهو ما جعل العالم الحر يقرأ عملياتها بأنه تعطش لسفك دماء الفلسطينيين الأبرياء دون وجه حق، بينما في المقابل تستقرئ إسرائيل كل هذا على أنها مواقف لا تعبر عن رؤيتها ورؤية حليفاتها مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وغيرهم في أن كل ما فعلته هو دفاع عن النفس وانتقام مشروع تجاه ما حدث في السابع من أكتوبر داخل مستوطنات غلاف غزة وبعض المستوطنات الإسرائيلية التي تم أسر العديد من عساكرها والمدنيين منها بل إن حماس استطاعت وسط كل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية وعدم التكافؤ بينها وبين إسرائيل عسكريا وعدة وعتادا أن تأسر ضباطا وجنودا كانوا يشاركون في هذه العمليات ضد أهل غزة وتحولت إسرائيل من كيان يريد أن يعيد أسرى السابع من أكتوبر الماضي إلى كيان يحلم بإعادة أسراه القدامى منهم والجدد وباتت الفاتورة الباهظة جدا تتراكم على حكومة نتنياهو المثقلة بالديون تجاه شعبها الذي يرغب اليوم أن يعود أبناؤه له أحياء ولا يقيمون لهم جنازات رمزية بعد قتلهم من قبل القوات الإسرائيلية نفسها التي لا هم لها سوى القتل والدم والدمار ونقض الوعود والعهود وتسطير مذابح وإبادة تعكس تاريخهم الدموي وأنفسهم التواقة للدم والإرهاب والقتل.
نتنياهو وصف بالأمس مذبحة رفح الأخيرة بالحدث المأساوي وكأننا بطبيعتنا التي تعرف شخصيته وتاريخه الغارق بدماء الفلسطينيين يمكننا أن نصدق هذا التصريح الذي لا يمكن أن يكون صادقا أو حقيقيا بأي شكل من الأشكال، بينما في المقابل تعيد واشنطن أسطوانتها المشروخة بأن على إسرائيل اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية المدنيين الفلسطينيين في عملياتها العسكرية داخل القطاع وهو المطلب الذي دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على إعادته مرارا وتكرارا على مسامع إعلامها وإسرائيل لكنها لا يمكن أن تعنيه أبدا وسط كل هذه المجازر المروعة التي تُرتكب بحق أطفال ورُضّع وأجنة وشباب ونساء وشيوخ وكل العالم يرى تلك المشاهد التي تهز العالم إلا بعض الحكومات التي تدعم هذا الكيان في كل جرائمه ومذابحه اللاإنسانية رغم الضغوطات الشعبية التي لم تتوقف حتى هذه اللحظة في تغيير مسارات التعامل مع إسرائيل التي كانت تأمل الاستزادة من التعاطف الشعبي والعالمي لما جرى في أكتوبر الماضي فإذا بها تتحول من ضحية لمجرمة ومن مجني عليها إلى جانية ومن مسكينة إلى سكين يطعن في خاصرة الإنسانية عبر هذه الجرائم وذاك الإرهاب الذي نراه تباعا في غزة وأخيرا وليس آخرا في رفح والآن في الضفة التي شجع الإسرائيليون الفلسطينيين إلى التوجه لها هربا من العمليات العسكرية شمالا لتقتنصهم وتحرق الخيام بمن فيها من أطفال وبقصف عشوائي لم يمهلهم حتى للاختباء أو الهرب لأي مكان رغم أن كل مكان بات في القطاع معرضا للإرهاب الإسرائيلي الدامي ولا تسألوا عن عرب هم نيام وإن استيقظوا!.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست مجرد مهارة إضافية، بل ضرورة تمس حياة كل فرد وإذا كان العالم بأسره يتجه نحو تنويع اقتصادي يخفف من الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فإن قطر – بما تمتلكه من رؤية استراتيجية – تدرك أن الاستدامة الاقتصادية تبدأ من المدارس القطرية ومن وعي الطلاب القطريين. هنا، يتحول التعليم من أداة محلية إلى بوابة عالمية، ويصبح الوعي المالي وسيلة لإلغاء الحدود الفكرية وبناء أجيال قادرة على محاكاة العالم لا الاكتفاء بالمحلية. التعليم المالي كاستثمار في الاستدامة الاقتصادية القطرية: عندما يتعلم الطالب القطري إدارة أمواله، فهو لا يضمن استقراره الشخصي فقط، بل يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فالوعي المالي يساهم في تقليل الديون وزيادة الادخار والاستثمار. لذا فإن إدماج هذا التعليم يجعل من الطالب القطري مواطنا عالمي التفكير، مشاركا في الاقتصاد العالمي وقادرا على دعم قطر لتنويع الاقتصاد. كيف يمكن دمج الثقافة المالية في المناهج القطرية؟ لكي لا يبقى الوعي المالي مجرد شعار، يجب أن يكون إدماجه في التعليم واقعًا ملموسًا ومحاكيًا للعالمية ومن المقترحات: للمدارس القطرية: • حصص مبسطة تدرّب الطلاب على إدارة المصروف الشخصي والميزانية الصغيرة. • محاكاة «المتجر الافتراضي القطري» أو «المحفظة الاستثمارية المدرسية». للجامعات القطرية: • مقررات إلزامية في «الإدارة المالية الشخصية» و»مبادئ الاستثمار». • منصات محاكاة للتداول بالأسهم والعملات الافتراضية، تجعل الطالب يعيش تجربة عالمية من داخل قاعة قطرية. • مسابقات ريادة الأعمال التي تدمج بين الفكر الاقتصادي والابتكار، وتبني «وعيًا قطريًا عالميًا» في آن واحد. من التجارب الدولية الملهمة: - تجربة الولايات المتحدة الأمريكية: تطبيق إلزامي للتعليم المالي في بعض الولايات أدى إلى انخفاض الديون الطلابية بنسبة 15%. تجربة سنغافورة: دمجت الوعي المالي منذ الابتدائية عبر مناهج عملية تحاكي الأسواق المصغرة - تجربة المملكة المتحدة: إدراج التربية المالية إلزاميًا في الثانوية منذ 2014، ورفع مستوى إدارة الميزانيات الشخصية للطلاب بنسبة 60%. تجربة استراليا من خلال مبادرة (MONEY SMART) حسنت وعي الطلاب المالي بنسبة 35%. هذه النماذج تبيّن أن قطر قادرة على أن تكون رائدة عربيًا إذا نقلت التجارب العالمية إلى المدارس القطرية وصياغتها بما يناسب الوعي القطري المرتبط بهوية عالمية. ختاما.. المعرفة المالية في المناهج القطرية ليست مجرد خطوة تعليمية، بل خيار استراتيجي يفتح أبواب الاستدامة الاقتصادية ويصنع وعيًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الجغرافيا، قطر اليوم تملك فرصة لتقود المنطقة في هذا المجال عبر تعليم مالي حديث، يحاكي التجارب العالمية، ويجعل من الطالب القطري أنموذجًا لمواطن عالمي التفكير، محلي الجذور، عالمي الأفق فالعالمية تبدأ من إلغاء الحدود الفكرية، ومن إدراك أن التعليم ليس فقط للحاضر، بل لصناعة مستقبل اقتصادي مستدام.
2265
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله مشهدا سياسيا قلب المعادلات، الكلمة التي ألقاها سموه لم تكن خطابًا بروتوكوليًا يضاف إلى أرشيف الأمم المتحدة المكدّس، بل كانت كمن يفتح نافذة في قاعة خانقة. قطر لم تطرح نفسها كقوة تبحث عن مكان على الخريطة؛ بل كصوت يذكّر العالم أن الصِغَر في المساحة لا يعني الصِغَر في التأثير. في لحظة، تحوّل المنبر الأممي من مجرد منصة للوعود المكررة والخطابات المعلبة إلى ساحة مواجهة ناعمة: كلمات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وضعتهم في قفص الاتهام دون أن تمنحهم شرف ذكر أسمائهم. يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودًا ويخططون لاغتيال أعضائها.. اللغة العربية تعرف قوة الضمير، خصوصًا الضمير المستتر الذي لا يُذكر لفظًا لكنه يُفهم معنى. في خطاب الأمير الضمير هنا مستتر كالذي يختبئ خلف الأحداث، يحرّكها في الخفاء، لكنه لا يجرؤ على الظهور علنًا. استخدام هذا الأسلوب لم يكن محض صدفة لغوية، بل ذكاء سياسي وبلاغي رفيع ؛ إذ جعل كل مستمع يربط الجملة مباشرة بالفاعل الحقيقي في ذهنه من دون أن يحتاج إلى تسميته. ذكاء سياسي ولغوي في آن واحد».... هذا الاستخدام ليس صدفة لغوية، بل استراتيجية بلاغية. في الخطاب السياسي، التسمية المباشرة قد تفتح باب الردّ والجدل، بينما ضمير الغائب يُربك الخصم أكثر لأنه يجعله يتساءل: هل يقصدني وحدي؟ أم يقصد غيري معي؟ إنّه كالسهم الذي ينطلق في القاعة فيصيب أكثر من صدر. محكمة علنية بلا أسماء: لقد حول الأمير خطابًا قصيرًا إلى محكمة علنية بلا أسماء، لكنها محكمة يعرف الجميع من هم المتهمون فيها. وهنا تتجلى العبارة الأبلغ، أن الضمير المستتر في النص كان أبلغ حضورًا من أي تصريح مباشر. العالم في مرآة قطر: في النهاية، لم يكن ضمير المستتر في خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – حفظه الله - مجرد أداة لغوية؛ بل كان سلاحًا سياسيًا صامتًا، أشد وقعًا من الضجيج. لقد أجبر العالم على أن يرى نفسه في مرآة قطر. وما بين الغياب والحضور، تجلت الحقيقة أن القيمة تُقاس بجرأة الموقف لا باتساع الأرض، وأن الكلمة حين تُصاغ بذكاء قادرة على أن تهز أركان السياسات الدولية كما تعجز عنها جيوش كاملة. فالمخاطَب يكتشف أن المرآة وُضعت أمامه من دون أن يُذكر اسمه. تلك هي براعة السياسة: أن تُدين خصمك من دون أن تمنحه شرف الذكر.
2139
| 25 سبتمبر 2025
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن نفسه بوضوح. تمرّ في زقاق العمر فتجده واقفًا، يحمل على كتفه صندوقًا ثقيلًا ويعرض بضاعة لا تشبه أي سوق عرفته من قبل. لا يصرخ مثل الباعة العاديين ولا يمد يده نحوك، لكنه يعرف أنك لن تستطيع مقاومته. في طفولتك كان يأتيك خفيفًا، كأنه يوزّع الهدايا مجانًا. يمد يده فتتساقط منها ضحكات بريئة وخطوات صغيرة ودهشة أول مرة ترى المطر. لم تكن تسأله عن السعر، لأنك لم تكن تفهم معنى الثمن. وحين كبُرت، صار أكثر استعجالًا. يقف للحظة عابرة ويفتح صندوقه فتلمع أمامك بضاعة براقة: أحلام متوهجة وصداقات جديدة وطرق كثيرة لا تنتهي. يغمرك بالخيارات حتى تنشغل بجمعها، ولا تنتبه أنه اختفى قبل أن تسأله: كم ستدوم؟ بعد ذلك، يعود إليك بهدوء، كأنه شيخ حكيم يعرف سرّك. يعرض ما لم يخطر لك أن يُباع: خسارات ودروس وحنين. يضع أمامك مرآة صغيرة، تكتشف فيها وجهًا أنهكته الأيام. عندها تدرك أن كل ما أخذته منه في السابق لم يكن بلا مقابل، وأنك دفعت ثمنه من روحك دون أن تدري. والأدهى من ذلك، أنه لا يقبل الاسترجاع. لا تستطيع أن تعيد له طفولتك ولا أن تسترد شغفك الأول. كل ما تملكه منه يصبح ملكك إلى الأبد، حتى الندم. الغريب أنه لا يظلم أحدًا. يقف عند أبواب الجميع ويعرض بضاعته نفسها على كل العابرين. لكننا نحن من نتفاوت: واحد يشتري بتهور وآخر يضيّع اللحظة في التفكير وثالث يتجاهله فيفاجأ أن السوق قد انفض. وفي النهاية، يطوي بضاعته ويمضي كما جاء، بلا وداع وبلا عودة. يتركك تتفقد ما اشتريته منه طوال الطريق، ضحكة عبرت سريعًا وحبًا ترك ندبة وحنينًا يثقل صدرك وحكاية لم تكتمل. تمشي في أثره، تفتش بين الزوايا عن أثر قدميه، لكنك لا تجد سوى تقاويم تتساقط كالأوراق اليابسة، وساعات صامتة تذكرك بأن البائع الذي غادرك لا يعود أبدًا، تمسح العرق عن جبينك وتدرك متأخرًا أنك لم تكن تتعامل مع بائع عادي، بل مع الزمن نفسه وهو يتجول في حياتك ويبيعك أيامك قطعةً قطعة حتى لا يتبقى في صندوقه سوى النهاية.
1569
| 26 سبتمبر 2025