رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عائشة جاسم الكواري

مساحة إعلانية

مقالات

474

د. عائشة جاسم الكواري

خطاب صاحب السمو وتحقيق الأمن الوطني القطري

24 سبتمبر 2025 , 06:24ص

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين ليؤكد على ثوابت السياسة القطرية القائمة على احترام القيم والمبادئ الدولية، ورفض منطق القوة وهيمنة الاحتلال، والدعوة إلى إعلاء القانون الدولي والشرعية الأممية.

 خطاب سموه لم يكن مجرد موقف سياسي عابر، بل عكس رؤية إستراتيجية شاملة للأمن الوطني القطري، الذي لا يمكن عزله عن بيئته الإقليمية والدولية.

حيث يرتبط الأمن الوطني في جوهره بقدرة الدولة على حماية سيادتها واستقرارها ومصالحها الحيوية. فقد شدد سمو الأمير على خطورة الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الدوحة باعتباره انتهاكًا مباشرًا لسيادة الدولة، وخرقًا للقوانين والأعراف الدولية. من هنا برزت رسالة أساسية مفادها أن قطر لن تقبل المساس بأمنها الوطني، وأنها ستواصل رفع صوتها دفاعًا عن حقوقها وسيادتها في المحافل الدولية.

لكن قطر، بما تمتلكه من موقع جغرافي وقدرات دبلوماسية، تدرك أن أمنها الداخلي لا ينفصل عن الأمن الإقليمي. فالتهديدات التي تواجه المنطقة من العدوان والاحتلال إلى الإرهاب وعدم الاستقرار، تترك أثرًا مباشرًا على الداخل القطري. لذا فإن الدوحة، من خلال أدوار الوساطة في ملفات غزة، لبنان، السودان وسوريا، تعمل على تعزيز بيئة إقليمية مستقرة تعود بالنفع على أمنها الوطني. فالوساطة القطرية ليست عملاً إنسانيًا أو دبلوماسيًا فقط، بل هي أداة إستراتيجية لحماية قطر نفسها من تداعيات الفوضى المحيطة.ومن هنا نجد أن خطاب سمو الأمير أبرز بوضوح أن الأمن الوطني القطري لن يتحقق في معزل عن نظام عالمي عادل وقوي. فحين يضعف القانون الدولي أمام منطق القوة، تصبح الدول الصغيرة عرضة للاعتداءات، ويغيب الضامن الحقيقي لأمنها. لذلك ركَّز سموه على ضرورة إعادة الاعتبار لميثاق الأمم المتحدة، وإحياء آليات الأمن الجماعي، والانتقال من مسايرة الاحتلال إلى حل عادل للقضية الفلسطينية. 

إن هذه الرؤية تجعل قطر شريكًا فاعلًا في صياغة الأمن الدولي، لأنها ترى أن مصير الإنسانية مترابط، وأن الاستقرار في أي بقعة من العالم سينعكس إيجابًا على أمنها واستقرارها.

إلى جانب الأبعاد السياسية والأمنية، يرتكز الأمن الوطني القطري أيضًا على التنمية الشاملة وبناء الإنسان، وهو ما أشار إليه سمو الأمير في إبراز دور قطر كعاصمة للفعاليات الدولية ومركز للحوار بين الشعوب. فتعزيز الاقتصاد الوطني، والاستثمار في التعليم والصحة، وتنظيم الفعاليات الكبرى مثل كأس العالم 2022 أو مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية 2025، كلها أدوات تعزز الاستقرار الداخلي وتدعم صورة قطر عالميًا. إن هذا التداخل بين التنمية والأمن يجعل من التجربة القطرية نموذجًا يؤكد أن الأمن الوطني الحقيقي لا يتحقق إلا عندما يتكامل البعد الداخلي مع الأبعاد الإقليمية والدولية.وخلاصة القول، إن خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله، قد جسَّد فلسفة الأمن الوطني القطري في أبهى صورها، سيادة الدولة خط أحمر، وأمن المنطقة شرط لحماية الداخل، والنظام الدولي العادل ضمانة للأمن الوطني والإقليمي على حد سواء. هذه الرؤية المتكاملة تضع قطر في قلب التوازنات العالمية والإقليمية، وتجعل من سياستها الخارجية أداة لتحقيق أمنها الوطني، وفي الوقت ذاته رافعة لخدمة السلم والاستقرار العالميين.

 

مساحة إعلانية