رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

156

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

إسرائيل والغياب العربي.. متى تفقد مقومات البقاء؟

23 سبتمبر 2025 , 04:23ص

منذ تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، ظلّت مسألة بقائه واستمراره محل نقاش واسع في الأوساط السياسية والفكرية. فإسرائيل، رغم ما تمتلكه من تفوق عسكري وتقني، تفتقد إلى مقومات الدولة الطبيعية التي تجعلها قادرة على العيش بمعزل عن الخارج. فمواردها محدودة، سوقها الداخلي ضيق، ومجتمعها قائم على الهجرة والتعددية الدينية والقومية التي تزرع داخله بذور الانقسام. وبالتالي، فإن استمراره قائم على عاملين أساسيين: الدعم الأمريكي بلا حدود والغياب العربي بلا حدود.

أولًا: فقر الداخل واعتماده على الخارج

الناظر في واقع إسرائيل يدرك أنها ليست دولة طبيعية من حيث المقومات الاقتصادية والجغرافية:

- المياه: أزمة مستمرة، لا تُحل إلا عبر محطات تحلية البحر أو مشروعات استيراد المياه من دول الجوار.

- الموارد الطبيعية: لا تملك ثروات نفطية أو غازية ضخمة تكفيها، بل تعتمد على استيراد الطاقة، وإن خفّف اكتشاف غاز شرق المتوسط من الأزمة.

- السوق الداخلي: عدد السكان محدود نسبيًا، ما يجعلها تعتمد على الأسواق الخارجية لتصريف منتجاتها واستقطاب الاستثمارات.

هذا النقص البنيوي يجعلها كيانًا يعيش على أجهزة دعم خارجية، وليس على مقومات ذاتية.

ثانيًا: الدعم الأمريكي بلا حدود

أمريكا ليست فقط حليفًا لإسرائيل، بل هي ركيزة وجودها:

- المساعدات العسكرية: تقدّم واشنطن مليارات الدولارات سنويًا كدعم عسكري مباشر.

- الحماية السياسية: لم تتردد الولايات المتحدة في استخدام حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل من القرارات الدولية.

- التكنولوجيا والتسليح: أخطر الأنظمة العسكرية مرتبطة بشكل وثيق بالتكنولوجيا الأمريكية.

- الغطاء الاستراتيجي: الوجود الأمريكي في المنطقة يشكّل شبكة حماية غير مباشرة لإسرائيل.

من دون هذا الدعم، ستجد إسرائيل نفسها أمام اختلال خطير في ميزان القوى الإقليمي.

ثالثًا: الغياب العربي بلا حدود

الطرف الثاني في معادلة بقاء إسرائيل هو الواقع العربي:

- الانقسام: لم يعد هناك موقف عربي موحد.

- السلام المنفرد: معاهدات التطبيع الثنائية أضعفت فكرة الجبهة الموحدة.

- الأزمات الداخلية: انشغال الدول العربية بمشكلاتها جعل إسرائيل بمنأى عن ضغط حقيقي.

هذا الغياب العربي يوفر لإسرائيل مساحة للتحرك بحرية، والتفرغ لتعزيز مشروعها الاستيطاني والعسكري.

رابعًا: متى تصبح إسرائيل عاجزة عن البقاء؟

إسرائيل قد تبدو قوية اليوم، لكنها كيان هش من الداخل:

1. انكفاء الدعم الأمريكي.

2. عودة الفعل العربي.

3. تصاعد المقاومة الداخلية.

4. العزلة الدولية.

خامسًا: التآكل من الداخل

حتى لو ظل الدعم الأمريكي والغياب العربي قائمين، فإن إسرائيل تواجه تحديات داخلية:

- الانقسام السياسي بين اليمين والتيارات العلمانية.

- التركيبة الديموغرافية التي تثير هواجس مستقبلية.

- التفكك المجتمعي بين اليهود الشرقيين والغربيين، وبين المتدينين والعلمانيين.

هذه التناقضات تنذر بأن الصراع ليس مع الخارج فقط، بل من الداخل أيضًا.

إسرائيل ليست دولة طبيعية تستند إلى مقومات داخلية راسخة، بل كيان يعتمد على الخارج في بقائه. فهي تعيش على الدعم الأمريكي بلا حدود، وتستفيد من الغياب العربي بلا حدود. فإذا ما اهتز أي من هاتين الركيزتين، تبدأ مرحلة التآكل، ويظهر العجز عن البقاء. والتاريخ يؤكد أن الكيانات التي قامت على الدعم الخارجي وحده لا بد أن يأتي عليها يوم تنهار فيه، مهما طال الزمن.

مساحة إعلانية