رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

153

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

خطاب سمو الأمير.. رؤية واضحة ومسار وطني راسخ

22 أكتوبر 2025 , 04:02ص

جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع والخمسين لمجلس الشورى، ليجسد بعمق الثوابت الوطنية والرؤية الاستراتيجية لدولة قطر، داخليًا وخارجيًا.

كان الخطاب شاملاً، اتسم بالواقعية والوضوح، وأعاد التأكيد على أن الإنسان القطري هو أساس التنمية ومحورها، وأن الوطن ماضٍ بثقة نحو تعزيز مكانته الإقليمية والدولية رغم التحديات والاعتداءات التي واجهها مؤخرًا.

أولاً: قطر تواجه التحديات بثبات وسيادة: أكد سمو الأمير أن دولة قطر تعرضت لانتهاكين خطيرين لسيادتها، الأول من جانب إيران والثاني من إسرائيل، معتبرًا أن كلا الحادثين شكّلا تجاوزًا سافرًا للقوانين الدولية، وأن العالم بأسره أدانهما بوضوح. اللافت في الخطاب لم يكن مجرد الإدانة، بل الرسالة الأعمق التي عبّر عنها سموه حين قال إن قطر خرجت من تلك الاعتداءات أقوى وأكثر حصانة، بما يعكس صلابة الموقف الوطني وقدرته على تحويل الأزمات إلى فرص تعزز الوحدة والوعي بالثوابت الوطنية.

ثانيًا: الالتزام بالقانون والعدالة الدولية: شدد سمو الأمير على أن ما تعرضت له الدولة يشكّل انتهاكًا صارخًا للأعراف الدبلوماسية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدًا أن قطر، رغم التزامها بالوساطة والسلام، لن تتهاون في الدفاع عن سيادتها وكرامتها الوطنية. هذه العبارة كانت من أقوى رسائل الخطاب، إذ أكدت أن قطر، رغم صغر مساحتها، تمتلك من الشرعية والاحترام الدولي ما يجعلها في مصاف الدول التي تحترم القوانين وتفرض احترامها على الآخرين.

ثالثًا: الداخل القطري.. المواطن أولاً: في الشأن الداخلي، ركّز سمو الأمير على أن المواطن القطري يظل محور التنمية وغايتها، مؤكدًا أن الدولة ماضية في تطوير منظومة التعليم، والرعاية الصحية، والبنية التحتية، والاقتصاد الوطني بما يواكب تطلعات رؤية قطر الوطنية 2030. ولفت سموه إلى أن الاقتصاد الوطني واصل أداءه الإيجابي رغم الظروف الإقليمية والعالمية، بفضل السياسات المتوازنة والإدارة الرشيدة للموارد، مشيرًا إلى أن قطر دخلت مرحلة جديدة من حيث حجم الاقتصاد وحجم الدور الإقليمي الذي تؤديه. وشدد سموه على أن رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية للوطن، داعيًا إلى الاستثمار في الإنسان القطري بالعلم والتأهيل والمبادرة، وتعزيز ثقافة العمل والإنتاج. كما أكد أن الدولة ستواصل دعمها للقطاع الخاص وتشجيعه ليكون شريكًا حقيقيًا في التنمية الوطنية، بما يسهم في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.

رابعًا: الاقتصاد والتنمية المستدامة: أوضح سمو الأمير أن القطاع المالي والاقتصادي في الدولة أثبت متانته وقدرته على تجاوز الأزمات، وأن السياسة المالية القطرية تعتمد على الانضباط والشفافية والاستدامة.

خامسًا: الدور الإقليمي والدولي: على الصعيد الخارجي، أكد سمو الأمير أن سياسة قطر الخارجية تنطلق من مبادئ ثابتة تقوم على احترام سيادة الدول، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، والعمل الدبلوماسي البنّاء لتحقيق السلام العادل والمستدام.

وأشار إلى أن دولة قطر ستواصل جهودها في دعم القضية الفلسطينية، وفي السياق نفسه، أشار سموّه إلى أن قطر ستستمر في دورها الوسيط والمسؤول في حل النزاعات بالطرق السلمية، وفي دعم الجهود الإنسانية والإغاثية في مناطق الأزمات، مؤكداً أن الدولة ستبقى وفية لنهجها القائم على التوازن بين المبادئ والمصالح.

سادسًا: رسالة القيادة إلى الشعب: في ختام خطابه، وجّه سمو الأمير رسالة ضمنية إلى الشعب القطري مفادها أن الوطن يواجه التحديات بالوحدة والوعي والمسؤولية، وأن ما تحقق من إنجازات لا يعني الاكتفاء، بل مزيدًا من العمل والالتزام والانضباط.

كان الخطاب دعوة صريحة إلى ترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن، وتعزيز روح المشاركة الوطنية، والتأكيد على أن السيادة الحقيقية لا تقتصر على حماية الحدود، بل تمتد إلى ترسيخ القيم والعمل والعلم والإنتاج. إن خطاب سمو الأمير في افتتاح مجلس الشورى لم يكن مجرد عرض للإنجازات أو استعراض للتحديات، بل كان بيانًا وطنيًا شاملاً يرسم ملامح المرحلة القادمة بوضوح. لقد أعاد الخطاب التأكيد على أن قطر دولة مؤسسات، دولة سيادة، ودولة إنسان، وأن قوتها لا تُقاس بحجمها، بل بقدرتها على الصمود والمبادرة والعمل المسؤول. ففي كل جملة من كلمته السامية، تتجلى روح القيادة الواعية التي لا تكتفي بإدارة الحاضر، بل تبني المستقبل بثقة وثبات.

مساحة إعلانية