رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. أحمد المحمدي

مساحة إعلانية

مقالات

207

د. أحمد المحمدي

﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون﴾

21 سبتمبر 2025 , 01:13ص

إنّ الطريق إلى الله طريق طويل، محفوف بالابتلاءات، مزروع بالأشواك، تحفّه الفتن، وتزاحمه النفوس المثقلة بضعفها. وفي كل دربٍ ستلقى بشرًا يُعرّفونك بنفسك قبل أن يُعرّفوك بأنفسهم. هم امتحان لروحك، كما أنك امتحان لقلوبهم، فكل وجه تراه، وكل طبع تصادفه، ليس عبثًا، بل هو رسالة خفية إلى روحك، يدعوك إلى أن تصقل وتتهذّب. 

‏هناك من يفتح لك باب الرحمة، وهناك من يضع أمامك جدارًا من القسوة.

‏منهم من يذكّرك بنقصك، ومنهم من يستفز فيك كبرياءك أو غضبك أو غيرتك.

‏والحكمة أن تتعلّم فنّ العبور وسط هذه الأمواج البشرية: أن تُدرَّب على الصبر، وتُهذَّب بالحكمة، وتحفظ قلبك من التلوث، وطاقتك من التبديد.

وهذه عشر شخصيات ستجدها، مرسومة بعناية في طريقك، تكشف ضعفك وتستخرج قوتك، وتدعوك أن تعلو فوق اللحظة إلى أفق أعلى:

1. الشخصية السلبية

هي روح لا ترى إلا الظلام، ولا تلتقط من النور إلا غيابَه. تجرّ خطاك إلى هوّة العجز واليأس.

ومخرجك منها أن تعلّق قلبك بالرجاء، وتستمسك بحبل الله المتين، فلا تُسلم روحك لعدوى الإحباط.

2. الشخصية النرجسية

أسيرة وهمٍ أجوف، تسعى إلى مديح الناس، وتبخل عليهم بالإنصاف.

وحين تقترب منها لا تُقارن نفسك بها، فأنت عبد لله، والميزان عنده لا عندها.

3. الشخصية المتطلّبة

تستنزف وقتك وجهدك، وتغريك بشعور الذنب إن قصّرت في عطائها.

وعلاجها: أن تُحسن الحدود، وأن تعلم أنّ وقتك أمانة، لا يُهدره كل طارق.

4. الشخصية الانتقادية

لا ترى إلا عيبًا، ولا تذكر إلا نقصًا.

والنجاة منها أن تزن كلماتها بميزان العدل، فتأخذ ما ينفعك، وتذر ما يجرح بلا طائل.

5. الشخصية الحسودة

تذوب قلوبها إذا أُفيض عليك بنعمة.

وموقفك منها: أن تستر رزقك ما استطعت، وتحيط نفسك بجوٍّ من الشكر يقيك سموم الحسد.

6. الشخصية المتشائمة

ترى الفشل قبل أن يبدأ السعي، وتستدعي الهزيمة قبل أن يُرفع لواء الجهاد.

ودواؤها أن تُقيم لها الدليل من الواقع، وأن تبدأ بالخطوة الصغيرة التي تُثبت أن الطريق يُثمر.

7. الشخصية محدودة الوعي

تُسيء الفهم وتُربك المعنى.

والتعامل معها: بالبيان المبسّط، وبالكتابة التي تثبّت الكلمة فلا يعبث بها الوهم.

8. الشخصية القلقة

تعيش في خوفٍ دائم، وتبثّ هذا القلق في الأجواء.

ومنهجك معها: أن تُعطيها الطمأنينة بقدر، ثم تحمي نفسك من غرقٍ في بحر لا قرار له.

9. الشخصية الشكّاكة

ترى في كل كلمة سوء نية، وفي كل فعل مؤامرة.

وطريقك معها: أن تكون شفافًا، وأن توثّق، ثم تُدرك أنّ شكوكها شأنها لا شأنك.

10. الشخصية المزاجية

تتقلّب كما تتقلّب الرياح، تُربكك بتغيّرها، وتستنزفك بتقلبها.

والتعامل معها: أن تختار لحظات السكون للحوار، وتضع السدود أمام ثوراتها العارضة.

هذه النماذج ليست عدوّك في الطريق. إنما هي ابتلاءات يجب التعامل معها:

• بالوعي تُدرك أثرها.

• وبالحزم تصون وقتك وطاقتك.

• وبالتوكل تحفظ قلبك من التلوث.

فالناس امتحانك وأنت امتحانهم.

والسعيد من خرج من هذا الزحام وقد صفا قلبه، ونما وعيه، وثبت قدمه على الطريق.

مساحة إعلانية