رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جمعان عبدالله السعدي

مساحة إعلانية

مقالات

93

جمعان عبدالله السعدي

هل فقدنا دفء المجالس؟

19 سبتمبر 2025 , 12:08ص

في زمنٍ ليس ببعيد، كانت المجالس الاجتماعية هي نبض الحياة اليومية في مجتمعاتنا. جمعة الجمعة، سوالف المجلس، طلعات القهوة، وأحاديث الليل كلها كانت لحظات نعيش فيها دفء الإنسان وصدق المشاعر. لكن اليوم، يبدو أن هذا الدفء بدأ يخبو، والمجالس التي كانت تشكل عمودًا فقريًا لعلاقاتنا بدأت تتلاشى.

لماذا بدأ المجتمع يفقد المجالس؟

هناك عوامل كثيرة أثرت بشكل مباشر على طريقة تواصلنا واجتماعنا:

1. التكنولوجيا والانشغال الرقمي:

أصبحت الشاشات تحل محل الوجوه، والرسائل النصية تحل محل الحوار المباشر. لم يعد الجلوس معًا وتبادل القصص أمرًا شائعًا كما كان، بل أصبح كل فرد منهمكًا في هاتفه.

2. ضغوط الحياة وزيادة المسؤوليات:

مع تطور الحياة وزيادة التزامات العمل والأسرة، قل الوقت المتاح للقاء الأهل والأصدقاء، وصار التعب والضغط سببًا في تقليل رغبتنا في الخروج والاجتماع.

3. تغير الأولويات والقيم:

أصبحت كثير من العلاقات سطحية ومصالحية، وأحيانًا نفضل العزلة على المجازفة بالدخول في علاقات لا تستحق الوقت والجهد.

الوحدة والانعزال.. واقع مؤلم

كثير من الناس صاروا يشعرون بالوحدة حتى وهم بين أهلهم، وكثير منهم صاروا يفضلون الجلوس في البيت على الخروج، وهذا انعكاس لغياب التواصل الحقيقي. لما تكلمهم تسمع شكاوى مثل:

• “حتى في البيت أحس نفسي وحيد، الكل مشغول بجواله.”

• “صار ما عندي طاقة أخرج أو أزور أحدا، التعب زايد والهموم كثيرة.”

• “العزائم قلت كثيرا، وصار الواحد يحس إنه ما له مكان وسط الناس.”

• “حتى إذا جمعتهم، الكل صامت وكل واحد في عالمه.”

• “تغير الناس صار واضحا، العلاقات صارت سطحية، ما فيها صدق ولا عمق.”

• “أحيانًا أحس أن الناس تفضل العزلة بدل ما تتعب نفسها بالسوالف.”

هل يمكننا استعادة روح المجالس؟

العودة للحياة الاجتماعية ليست مستحيلة، لكنها تحتاج منا لمبادرات حقيقية:

• البدء بأنفسنا:

لكل منا دور يبدأ به، سواء بزيارة الأهل، أو تنظيم مجلس بسيط مع الأصدقاء.

• التشجيع على اللقاءات البسيطة:

ليس شرطًا أن تكون اللقاءات رسمية أو مكلفة، فالوقت المشترك والحديث الصادق هو الأهم.

• إعادة إحياء العادات الاجتماعية:

العودة إلى عاداتنا القديمة مثل السؤال عن الأحوال، المشاركة في المناسبات، وتقديم الدعم.

في النهاية، المجتمع هو مرآة أفراده، وكلما حرصنا على لقاءاتنا وتواصلنا، كان المجتمع أقوى وأدفأ.

مساحة إعلانية