رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
استضافت دولة قطر قمة عربية إسلامية حضرها الملوك والأمراء والرؤساء من كل القارات تلبية لدعوة أخيهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خاصة في هذا الظرف الدقيق بعد تعرض أرض قطر الى عدوان وصفه سمو الأمير بالإرهابي الغادر، بينما كانت قطر تستجيب لنداء دول غربية كبرى وتستعمل قدرتها في الوساطة بين مختلف المتحاربين فتمكنت قطر من حقن الدماء وإحلال السلام ونزع فتائل العنف وهي الدولة التي جربت فصحت على مدى سنوات وشهد لها العالم بأسره بنجاعة وساطاتها وتجربتها الطويلة في هذا المجال الإنساني والأخلاقي وليس ذلك بغريب على قيادتها المتمسكة بشرعية القانون الدولي والتعلق بالشرعية.
وأمثلة لبنان والسودان والفصائل الفلسطينية وإنهاء حرب أفغانستان والمساهمة في تحرير الرهائن في كل بؤر التوتر والحروب. وبينما تتفكك دولة الاحتلال وينقسم مسؤولوها السياسيون والعسكريون لا يكف رئيس حكومتها المتطرفة عن ارتكاب المجازر.
وصدر بيان الهيئة الأممية المستقلة لرصد الاعتداء على القانون الدولي وأقرت في بيانها أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية إلى جانب مواقف عديد الدول الأوروبية والآسيوية وحتى المؤسسات الدستورية الأمريكية غيرت علاقاتها بدولة الاحتلال وحملتها قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين واستعمال الجوع طريقة لقنص الأطفال والنساء وكبار السن.
ولو أردنا تلخيص المواقف القطرية الرائدة وما تمخض عنه مؤتمر القمة من قرارات نورد ما جاء على لسان صاحب السمو أمير قطر في افتتاح القمة من معاني المقاومة والتصدي ردا على العدوان الغادر والجبان على أرض قطر مستهدفا وسيطا يعمل في سبيل السلام وإنهاء حرب الإبادة فإن دولة قطر التي تبعد آلاف الأميال عن المكان الذي انطلقت منه الطائرات المعتدية هي دولة وساطة تبذل منذ عامين جهودا مضنية من أجل التوصل إلى تسوية توقف الحرب القاتلة المدمرة التي تشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي تحولت منذ مدة إلى حرب إبادة. وتستضيف الدوحة خلال هذه المفاوضات وفودا من حركة حماس وإسرائيل. وقد أنجزت الوساطة فعلا بالتعاون مع الشقيقة مصر والولايات المتحدة الأمريكية تحرير 135 من الرهائن في مقابل هدنتين في عامي 2023 و2025 وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. لكن إسرائيل واصلت الحرب وواصلنا الوساطة على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب إسرائيل من القطاع ودخول المساعدات الإنسانية وتحرير أسرى فلسطينيين. وعندما وقع الاعتداء الغادر يوم 9 سبتمبر الجاري كانت القيادة السياسية لحركة حماس تدرس اقتراحا أمريكيا تسلمته منا ومن المصريين. ومن الواضح أن إسرائيل التي من المفترض أن تكون الطرف المفاوض الآخر على الأقل في سياق هذه الوساطة كانت على علم بهذا الاجتماع المنعقد في مكان معروف يزوره دبلوماسيون وصحفيون وغيرهم. لقد قررت اغتيال مفاوضين عاكفين على دراسة ورقة أمريكية لإعداد ردهم عليها! فهل سمعتم عن شيء كهذا من قبل؟ دولة تعمل على نحو منهجي ومثابر على اغتيال السياسيين الذين تفاوضهم وتعتدي على البلد الوسيط الذي تجري فيه المفاوضات؟. وتساءل حضرة صاحب السمو قائلا: «إذا كانت إسرائيل تريد اغتيال القيادة السياسية لحركة حماس فلماذا تفاوضها؟ وإذا كانت تريد التفاوض لإطلاق سراح الرهائن فلماذا تغتال كل من يمكن أن يدير المفاوضات معها؟ وكيف علينا أن نستقبل في بلدنا وفودا إسرائيلية للتفاوض فيما يخطط من أرسل هذه الوفود لقصف هذا البلد؟ وخلص سموه الى غرابة هذا الفعل قائلا: «نحن لا ننتظر على هذه الأسئلة جوابا. مؤكدا أنه يستحيل التعامل مع هذا القدر من الخبث والغدر. فثمة مبادئ أولية بسيطة في التعامل بين البشر يعجز حتى من توفرت لديه الحكمة والشجاعة اللازمتان للخوض فيما نخوض فيه وعن توقع أن هناك من لا يعيرها أي اهتمام ولا تعني له شيئا». وواصل سمو الأمير تفسير الحقائق فقال: «أما الحقيقة الثانية التي تتجلى أمام كل من لديه نظر هي أن من يعمل على نحو مثابر ومنهجي لاغتيال الطرف الذي يفاوضه يقصد إفشال المفاوضات. وحين يدعي أن هدفه منها هو تحرير محتجزيه فهذا يعني أن ادعاءه كاذب. فليس تحرير جنوده ومواطنيه من أولوياته والمفاوضات عنده هي مجرد جزء من الحرب، تكتيك سياسي يرافق الحرب ووسيلة لتعمية الرأي العام الإسرائيلي. فحين يضغط عليه رأيه العام يرسل وفدا للتفاوض يفعل ذلك بيد ويفشل المفاوضات باليد الأخرى». ثم كشف سموه حقيقة حكومة إسرائيل الراهنة فقال: «تريد حكومة المستوطنين المتطرفين أن يصبح إرسال سلاح الطيران الإسرائيلي للقصف في بلدان المنطقة أمرا معتادا. في لبنان يواجه قبول الحكومة اللبنانية بورقة أمريكية بالقصف والاغتيالات». وختم سموه خطابه بكشف حقيقة النظام الإسرائيلي فقال: «تدعي إسرائيل أنها ديمقراطية محاطة بالأعداء وهي في الحقيقة تبني نظام احتلال وفصل عنصري معاد لمحيطه وتشن حرب إبادة ارتكبت خلالها من الجرائم ما لا يعرف الخطوط الحمراء ويعلن رئيس حكومتها منذ أيام أنه منع قيام دولة فلسطينية وأن دولة كهذه لن تقوم مستقبلا! إنه يناصب السلطة الفلسطينية العداء وهو يعارض الاتفاقيات التي نشأت هذه السلطة بموجبها. هل السلطة الفلسطينية معادية لإسرائيل؟ دولتان مجاورتان وقعتا اتفاقيات سلام مع إسرائيل والتزمتا بها ودولتان أخريان ملتزمتان بمبادرة السلام العربية وتبحثان عن تسوية تسترجع فيهما أراضيهما المحتلة. ولو قبلت إسرائيل بمبادرة السلام العربية لوفرت على المنطقة وعلى نفسها ما لا يحصى من المآسي. ولكنها لا ترفض السلام مع محيطها فحسب، بل تريد أن تفرض عليه إرادتها. وكل من يعترض على ذلك هو في دعايتها الكاذبة، التي لم يعد أحد يصدقها، إما إرهابي أو معاد للسامية في حين تمارس حكومة المتطرفين في إسرائيل سياسات إرهابية وعنصرية في الوقت ذاته. تلك كانت المواقف التي جعلت من قمة الدوحة منعرجا تاريخيا فاصلا بين التنديد الذي لا ينفع والتحرك التضامني الحاسم الذي يردع. لدي ملاحظة وهي أنه على هامش المؤتمر دعا وزير الدفاع الباكستاني الى ضرورة إنشاء (ناتو) إسلامي ولا ننسى أن باكستان قوة نووية ورأيي المتواضع أن توازن القوى هو الحل للسلام والأمن.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه ليس موتًا محتومًا. الطعنة قد تُنهك الجسد، لكنها تُوقظ الوعي. وبين الألم والصمت، يظل التعليم هو السلاح الأصدق يعلّمنا كيف نحول الخنجر إلى درس، والنزيف إلى ميلاد جديد. وحين نتعلم ذلك، سنستطيع أن نكتب تاريخًا لا يُختزل في طعنة، بل في كيفية النهوض بعدها، حتى لو جعلتنا الطعنة لحظةً لا نستطيع أن نستقيم ولا أن ننحني. الطعنة ليست مجرد نزيف جسدي، بل نزيف قيمي، يعكس خيانة الثقة وارتباك المصالح، ويمتد أثره إلى الوعي الجمعي، حيث يتحول الألم الفردي إلى جرح اجتماعي، لا يُعالج إلا ببناء عقول قادرة على فهمه وتجاوزه. ما ردور الأفعال المحتملة بعد طعنة الخاصرة؟ 1. الانكسار والصمت: حين يختار المجتمع الصمت بعد الطعنة، فإنه يتعوّد على الخوف، ويورّثه للأجيال. يصبح الاستسلام عادة، وتتحول الكرامة إلى ذكرى. • انعكاس اجتماعي: مجتمع صامت يولّد أجيالًا مستكينة، ترى في الخضوع نجاة. • المعالجة بالتعليم: غرس قيم الشجاعة الفكرية، وتعليم الطلاب منذ الصغر أن التعبير عن الرأي ليس جريمة، بل حق وواجب. 2 - الانتفاض والثأر. ردّ الفعل الغاضب قد يحوّل الألم إلى شرارة مقاومة، لكنه قد يفتح أبواب العنف. الثورة بلا وعي تُنتج فوضى، لا حرية. • انعكاس اجتماعي: مجتمعات تعيش على وقع الثأر تفقد استقرارها، وتُدخل أبناءها في دوامة عنف متجددة. • المعالجة بالتعليم: تعليم فنون إدارة الأزمات، وتعزيز ثقافة الحوار والمقاومة السلمية، ليُوجَّه الغضب إلى بناء لا إلى هدم. 3. التفاوض والمرونة الطعنات قد تكون رسائل سياسية. المرونة والتفاوض خيارٌ يُنقذ ما تبقى، لكنه قد يُفسَّر ضعفًا أو خضوعًا. • انعكاس اجتماعي: مجتمعٌ يتبنى ثقافة المساومة قد ينقسم بين من يرى فيها حكمة ومن يراها تنازلًا. • المعالجة بالتعليم: إدخال مناهج تُدرّس فنون التفاوض والوساطة، حتى ينشأ جيل يوازن بين صلابة المبادئ ومرونة المصالح. 4. التحالفات الجديدة كل خنجر قد يدفع إلى إعادة الحسابات، والبحث عن حلفاء جدد. لكنه خيار محفوف بالمخاطر، لأنه يبدّل خريطة الولاءات. • انعكاس اجتماعي: قد يعيد الأمل لفئة، لكنه قد يزرع الشك والانقسام في فئة أخرى. • المعالجة بالتعليم: تعليم التاريخ والسياسة بنَفَس نقدي، حتى يفهم الطلاب أن التحالفات ليست أبدية، بل مصالح متحركة يجب التعامل معها بوعي. 5. التجاهل والمكابرة أخطر الخيارات هو الادعاء أن الطعنة سطحية. المكابرة هنا نزيف صامت، يُهلك من الداخل بلا ضجيج. • انعكاس اجتماعي: يولّد مجتمعًا يهرب من مواجهة الحقائق، ويغرق في إنكار الواقع. • المعالجة بالتعليم: إدخال قيم النقد الذاتي والشفافية، وتربية جيل يتعامل مع الأرقام والوقائع لا مع الأوهام. 6. الاستبصار والتحول أرقى الردود أن تتحول الطعنة إلى درس. فكل خنجر في خاصرة الأمة قد يكون بداية نهضة، إذا استُثمر الألم في التغيير. • انعكاس اجتماعي: مجتمع أقوى، يحوّل الجرح إلى مشروع بناء. • المعالجة بالتعليم: تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، ليُصبح الألم مصدر قوة، والصمت فضاءً لإعادة صياغة المستقبل. وأنا أقول.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تُهزم مهما تكررت الطعنات. وحده التعليم يحوّل الخنجر إلى درس، والصمت إلى صوتٍ أعلى.
1410
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس بالدوحة، محطة فارقة في مسار القضية الفلسطينية، إذ إنه قد كشف بوضوح عن نية الاحتلال في عدم إنهاء الحرب، وهذا ما أشار إليه مندوب مصر في الخطاب الجريء الذي أدلى به في جلسة مجلس الأمن، وتأكيده أن الاعتداء يكشف الجهة المعرقلة للاتفاقيات الراغبة في إطالة أمد الحرب لأهداف سياسية ودينية متطرفة. في السياق، حققت القضية نصرًا دبلوماسيًا قويًا، حيث أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة مشروع قرار حل الدولتين، حيث حصل تأييد المشروع على 142 صوتًا، وعشرة أصوات معارضة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال، فيما امتنعت 12 دولة عن التصويت. الاحتلال بات يعاني أزمة عزلة دولية مثّل هذا الإقرار أبرز مظاهرها، إلا أنه على الرغم من ذلك يرفض نتنياهو وحكومته المتطرفة مشروع حل الدولتين بشكل قطعي، وقد أكد قبلها نتنياهو على ذلك بقوله الصريح: «لن تكون هناك دولة فلسطينية». السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يصر نتنياهو على رفض حل الدولتين وإن أدى لمواجهته دول المنطقة والدخول في عزلة دولية تفقده معظم حلفائه؟ الكيان الإسرائيلي يختلف عن الصورة النمطية للأنظمة الاستعمارية، التي تسعى للهيمنة والسيطرة، فالاحتلال الإسرائيلي قائم على إستراتيجية المحو الشامل للوجود الفلسطيني، وتشمل محو التاريخ واللغة والهوية والجغرافيا، فهو مشروع استيطاني إحلالي يستند في جوهره إلى إلغاء وجود الآخر الفلسطيني، ليتمكن ذلك الاحتلال من تحقيق هوية دينية وقومية حصرية. وربما يفسر ذلك ما حرص عليه العدو الصهيوني في نشأته الأولى من ترويج أسطورة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»، كأساس يبني عليه ما تترجمه إستراتيجية المحو لاحقا، فيصبح الوجود الفلسطيني مشكلة وجودية لا عائقًا سياسيًا. النظم الاستعمارية السابقة (بريطانيا على سبيل المثال) كانت تتوسع وتحتل الدول اعتمادًا على قوتها الذاتية، كقوة عظمى لها مركز وأطراف، وتسعى للهيمنة على الدول، بهدف دعم نفوذها والسيطرة على ثروات تلك البلاد، لذلك لم تسع بريطانيا إلى الإحلال والدخول في معارك وجودية مع شعوب الدول المستعمرة. أما الكيان الإسرائيلي، فهو حالة خاصة، إذ إن قوته وقدرته على الاحتلال ليست ذاتية، بل هي قائمة بشكل كامل على الدعم الغربي والرعاية الأمريكية، إضافة للغياب العربي كما عبر الدكتور عبدالوهاب المسيري، وهما عنصران قابلان للتغيير، فلذلك تعيش دولة الاحتلال في قلق دائم من الوجود الفلسطيني، إذ إن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض والاحتلال عارض طارئ. انطلاقاً من إستراتيجية المحو ورفض الوجود الفلسطيني، أصدر الكنيست في 2018 قانون القومية، الذي يرسخ بشكل رسمي أن إسرائيل القومية للشعب اليهودي، وحق تقرير المصير فيها من حق الشعب اليهودي وحده، لنزع صفة المساواة عن الفلسطينيين داخل أراضي 48، وتوطئة كذلك لإقصائهم من الدولة اليهودية. دولة الاحتلال مصممة لتعيش داخل الحرب، فالحرب للإسرائيليين هي القاعدة وليست الاستثناء، وحراكها العسكري ليس دفاعًا عن النفس كما تدعي، لا يقوم على الدفاع كما تروج، لكن تقوم على الردع والهيمنة الإقليمية وإبقاء المنطقة في حال اشتعال دائم وعدم استقرار أبدي، والعسكرة كما هو معلوم جزء من الهوية الإسرائيلية، والشعب الإسرائيلي مُهيأ منذ النشأة نفسيًا وثقافيًا لحرب دائمة تعتمد على حقيقة وجوده في محيط عربي. ومنذ تأسيس الكيان وحتى اليوم، لم يمر وقت على الكيان الإسرائيلي دون أن يبدأ هو الحرب والعدوان، حرب 1948، وعدوان 56 على مصر بمشاركة انجلترا وفرنسا، وعدوان نكسة 67 الذي احتل فيه الضفة وغزة وسيناء والجولان، واجتياح لبنان عام 82، والحروب المتكررة على غزة، والهجمات المتواصلة على الأراضي السورية واللبنانية. يرفض الاحتلال الانخراط في أية تسوية سلمية من شأنها أن تمرر مشروع حل الدولتين، لأنه مدفوع بهوية دينية وثقافية إلى عبور الحدود، فقد أُنشئ هذا الكيان ليتمدد لا لينحصر داخل فلسطين، ومن ثم لا يستطيع المضي قدما لتحقيق هذه الأطماع إلا من خلال السيطرة التامة على فلسطين، ومن ثم لا ولن يعترف العدو الصهيوني بفكرة حل الدولتين.
795
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام إسرائيل بقصف مقر تواجد وفد من قادة حركة حماس خلال مفاوضات جارية بوساطة قطرية، هذا الهجوم لم يقتصر أثره على إلحاق أضرار بالمباني المستهدفة، بل أسفر أيضاً عن استشهاد الوكيل عريف بدر سعد محمد الحميدي الدوسري من قوة الأمن الداخلي، وعدد من أعضاء حماس ومرافقيهم. يُعد هذا الاعتداء سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فهو يمثل انتهاكاً مباشراً لسيادة دولة قطر التي تقوم بدور الوسيط المحايد بين إسرائيل وحركة حماس، في إطار الجهود الرامية إلى إطلاق الأسرى وإحلال السلام في غزة والمنطقة، إن تنفيذ غارة عسكرية داخل أراضي دولة مستقلة يضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية التي تضمن احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. كما أن استهداف مقر مفاوضات، وليس ساحة قتال، يُعد خرقاً لأبسط القواعد الإنسانية التي توجب حماية الوسطاء والمشاركين في المفاوضات، وتعكس استخفافاً بدور قطر الذي حظي باعتراف إقليمي ودولي واسع. استشهاد بدر الدوسري، يرمز إلى أن قطر دفعت ثمناً رغم دورها كوسيط، كما أن مقتل أعضاء من حماس في هذه الضربة يشير إلى نية إسرائيل تقويض جهود التهدئة وعرقلة أي مسار تفاوضي يمكن أن يُفضي إلى تسوية سياسية. الهجوم لم يترك أثراً إنسانياً فحسب، بل ألقى بظلال من الشك على إمكانية استمرار الوساطات في مناخ آمن ومحايد، فالوسطاء يحتاجون إلى ضمانات دولية بعدم استهدافهم، وإلا فإن الثقة في العملية السياسية برمتها ستنهار. أمام هذا التطور، تبرز مسؤولية مجلس الأمن الدولي في تحمل واجباته، فقد عبّر المجلس عن قلقه إزاء الحادثة وأكد ضرورة احترام سيادة قطر، لكن الاكتفاء بالبيانات لا يكفي، المطلوب هو إجراءات واضحة لردع إسرائيل عن تكرار مثل هذه الاعتداءات، بما في ذلك: • فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية على إسرائيل لتورطها في خرق القوانين الدولية. • إصدار قرار ملزم يضمن حماية الوسطاء والأطراف المشاركة في أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء. المسؤولية لا تقتصر على مجلس الأمن وحده، بل تقع أيضاً على عاتق الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ككل. المطلوب هو: 1. توحيد الموقف العربي والإسلامي لإدانة الاعتداء واتخاذ خطوات عملية لحماية السيادة القطرية. 2. دعم قطر في مسعاها القانوني أمام المحافل الدولية لضمان محاسبة المعتدين. 3. تعزيز الحماية الدبلوماسية للوسطاء، سواء من خلال اتفاقيات إقليمية أو عبر الأمم المتحدة. 4. استخدام الضغط الإعلامي والسياسي لتسليط الضوء على الانتهاك ومنع محاولات التغطية عليه. إن قصف إسرائيل لمقر في الدوحة يمثل ليس فقط اعتداءً على قطر، بل رسالة سلبية لكل الدول الساعية إلى الوساطة وإيجاد حلول سلمية للصراعات، لذلك، فإن الرد الدولي يجب أن يكون على مستوى خطورة الحدث، عبر مساءلة واضحة لإسرائيل وتفعيل أدوات الردع، ضماناً لعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات وحماية لمساعي السلام في المنطقة.
738
| 14 سبتمبر 2025