رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. فاطمة سعد النعيمي

* أستاذ التفسير وعلوم القرآن- كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر

مساحة إعلانية

مقالات

141

د. فاطمة سعد النعيمي

التضرع إلى الله.. ملاذ القلوب وقت الشدة والرخاء

19 سبتمبر 2025 , 12:15ص

في عالم يموج بالتحديات والمخاطر، يظل الإنسان بحاجة دائمة إلى ما يربط قلبه بالسكينة والطمأنينة، وليس هناك سبيل أصدق ولا أعمق من التضرع إلى الله. فهو عبادة قلبية ولسانية تجمع بين الخضوع والرجاء، وتفتح للإنسان باب الأمل مهما اشتدت الخطوب.

التضرع ليس مجرد دعاء يُرفع في أوقات الكرب فقط، بل هو منهج حياة يُظهر افتقار العبد إلى ربه في السراء والضراء. يقول الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام: 43].

إنه نداء إلهي للبشرية جمعاء، يدعوهم إلى الانكسار بين يدي الخالق، والاعتراف بضعفهم وحاجتهم إليه. فالتضرع يجمع بين التوبة من الذنوب، والاستعانة بالله على قضاء الحوائج، والاستغاثة به في الملمات.

وقد علّمنا النبي ﷺ أن الدعاء هو «مخّ العبادة»، إذ يحمل روح العبودية والخضوع لله. ولا يكون التضرع باللسان فقط، بل بالقلب الذي يمتلئ خشوعًا، وبالجوارح التي تترجم صدق الالتجاء إلى الله عبر الطاعة والعمل الصالح.

واليوم، ونحن نعيش أزمات عالمية وصراعات متلاحقة، يصبح التضرع إلى الله ضرورة روحية تعيد للإنسان توازنه، وتحرره من القلق والخوف. فهو يعمّق الصلة بالله، ويمنح النفس سكينة تعجز عنها كل أسباب الدنيا.

إن التضرع ليس ضعفًا، بل هو قوة المؤمن وسلاحه الذي لا يُهزم، إذ يعلم أن وراء تدابيره وتخطيطه ربًّا رحيمًا بعباده، قريبًا من دعائهم. قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186].

فليكن التضرع إلى الله ديدننا في الرخاء قبل الشدة، وفي الفرح قبل الحزن، فهو سبيل الفوز والنجاة، وهو سر الطمأنينة في زمن مضطرب.

 

مساحة إعلانية