رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مها الغيث

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

153

مها الغيث

أسطورة التكوين: الثقافة الإسرائيلية الملفقة

19 سبتمبر 2025 , 12:00ص

على الرغم من قدم الكتاب نسبياً، فهو قد لا يختلف كثيراً عما هو ملموس على أرض الواقع، وتحديداً فيما عناه الباحث في عنوان كتابه (أسطورة التكوين: الثقافة الإسرائيلية الملفقة)، لا سيما ونظام الفصل العنصري وهو يبدو على أشده من أي وقت مضى! 

يضع الكتاب (أنطوان شلحت 1956)، وهو كاتب وناقد ومحلل سياسي فلسطيني، يبحث في الشأن الإسرائيلي ويترجم عن العبرية في السياسة والأدب والتاريخ، وينشر مقالاته في الصحف الفلسطينية والعربية، وقد أصدر عددا من الدراسات في النقد الأدبي، وهو يدير حالياً المنبر الثقافي العربي (ضفة ثالثة).

يتطرق الباحث ابتداءً إلى (احتواء الثقافة الإسرائيلية من قبل العنصرية الصهيونية)، والتي تظهر فيها هذه العنصرية ذات أصول رجعية، تُقرّ التفاوت الحضاري بين الشعوب على أساس «أجناس عليا حضارية وأخرى دنيا سلفية»، متغافلة في هذا عن التاريخ، زمانه ومكانه! فيعرض كتاباً هو الأشد فظاعة مما يُلقّن لطلاب المدارس، من تأليف «مستوطن كولونيالي في الضفة الغربية»، يصف الإحساس العميق عن الارتباط بالوطن بعد حياة الشتات، وهو ذات الوطن الذي لم يلق شعباً أقام عليه حين قدم إليه، وهو يقصد بهذا «عدوه العربي».

أما (في صياغة إدراك الأطفال الإسرائيليين بواسطة الثقافة العنصرية)، فيعرض الباحث نموذجاً عن كيفية إرساء ثقافة العنصرية في (منبت رؤوس) الجيل الإسرائيلي، متضمناً تجريد الفرد الفلسطيني من أي هامش إنساني، وذلك عن طريق استطلاع أجراه أحد المحاضرين الإسرائيليين لعينة من 250 طالباً حول آرائهم، ضمّنها في كتابه (انعكاس شخصية العربي في أدب الأطفال العبري)، جاءت بعض نتائجه كما يلي: ارتفاع مستوى الخوف من العربي لنسبة تصل إلى 75%، يظهر فيها بنعوت من شاكلة «خاطف الأطفال، القاتل، المخرّب». تشويه شخصية العربي تصل إلى 80%، فضلاً عن الجهل التام بهويته ومظهره، بحيث وصفه البعض بكائن له ذيل. التنكّر لحق العرب في فلسطين بنسبة بلغت 90%، طالب فيها الطلاب «بقتلهم أو شنقهم أو ترحيلهم». 

وحين ينتقل الباحث إلى (الصحافة في إسرائيل: بوق للمؤسسة الصهيونية)، يخلص إلى أن «المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة لا قبل لها بالتخلي عن وسيلة هامة مثل احتكار الصحافة، بوصفها مصدراً أساسياً للمعلومات». إن النظام السياسي في إسرائيل وإن زعم تمثّله الديمقراطية البرلمانية الغربية فذلك شكلياً، حيث يتمظهر من خلال: عدم اعتماد دستور محدد بحجة تعيين حدود اسرائيل الجغرافية لا تزال قائمة. اعتماد خيار النظام العسكري، لا سيما ضد المواطنين العرب في إسرائيل، كما هو الحال في نظام الطوارئ. فرض الهيمنة العسكرية على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.

وفي (صراع الغرب والشرق في الثقافة العبرية الإسرائيلية)، يكشف الباحث عن عدم تجانس المجتمع الاسرائيلي ضمن الثقافة الصهيونية ذاتها، لا بناءً على الفوارق الاجتماعية بين شرائحه المختلفة وحسب، بل أيضاً في ذلك القمع القائم على صراع حضاري يتبلبل فيه علم الاجتماع الإسرائيلي بين الشرق والغرب لتحديد هوية إسرائيل. لذا، يحذّر أحد الأكاديميين الإسرائيليين فئة المنتصرين الأشكناز وقد أساءوا معاملة الإسرائيليين الشرقيين السفارديم: «لأن الشرق لا يمكن أن يُهزم»، بل إن إسرائيل ككيان غير طبيعي لا يرتكز على أسس اجتماعية وحضارية واقتصادية متينة، ماضٍ إلى زوال. ثم يتحدث الباحث في (الصيرورة: تحولات ثقافية بعد حرب لبنان) بشيء من الإسهاب، ينطلق من تبعات الحرب العدوانية التي شنتها إسرائيل على الشعبين اللبناني والفلسطيني في لبنان عام 1982، والتي أحدثت «انعطافات حادة في المجتمع الإسرائيلي» تجاه «العدو العربي» بالإجماع القومي الصهيوني، حيث شهد الواقع الثقافي بزوغ تيار أدبي، يعزز المناهضة الشعبية ضد تلك الحرب! لقد رفع أدباء ذلك الأدب السياسي الاحتجاجي صوته عالياً ضد الاحتلال والاضطهاد، وهم يخاطبون القرّاء بصورة مباشرة بهدف رفع وعيهم السياسي، وتحريضهم نحو تبني مواقف ثابتة ضد «الحرب والعدوان، وسقوط الإنسان في الإنسان». وفي هذا، يستعرض الباحث مجموعة من ردود تلك الأفعال الأدبية، الإبداعية والمأزومة، ضمن النخبة الثقافية الإسرائيلية، والتي جاء منها على هيئة قصائد شعرية، أو مقالات، أو مقابلات، أو مسرحيات، أو أغاني، أو أفلام، أو روايات! فينقل الباحث عن الكاتب والمخرج المسرحي (يهوشوع سوبول) قوله في مقابلة مع مجلة (هعولام هزيه): «يقودنا مجرمون من الواجب لجمهم! وأننا نحيا في واقع رهيب يرقص فيه أكلة لحوم البشر. والغريب أن بعضنا يشعر بأنه صادق».

ختاماً، وعلى قدر ما يسفر الكتاب عن وجه الرواية الإسرائيلية من مصدرها، على قدر ما يثير الحنق، تحديداً في تعمد تشويه الفلسطيني-العربي إنسانياً قبل أي شيء، مع قدر مروّع من التعالي العرقي! ومن سخرية القدر أن يطاله هذا التشويه بيد يهودي يحمل في حمضه النووي سخط البشرية جمعاء، وليس تاجر البندقية صاحب شكسبير، منه ببعيد، ونقمة العصور الوسطى! يجدر بالباحث تتبع ترّهات تلك الأسطورة حتى الوقت الحاضر وذلك لتمام الفائدة، لا سيما مع فورة طوفان الأقصى الثائر منذ ما يقرب العامين.. سيكون ثراءً فكرياً، وتحريضاً ثورياً بحق!

اقرأ المزيد

alsharq هذا ما نريد

لقد أفصحت الجولة الخامسة من دوري بنك الدوحة عن نفسها حيث بدأ المستعد والمتوجه لمنصة التتويج أن يخطو... اقرأ المزيد

51

| 23 سبتمبر 2025

alsharq حرص قطري على الحضور الفاعل في المحافل الدولية

تأتي مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في أعمال الدورة الثمانين... اقرأ المزيد

150

| 22 سبتمبر 2025

alsharq 1960.. أمّ الانقلابات في تركيا وإرث الوصاية العسكرية

بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، تأسست الجمهورية التركية على يد جنود سابقين. ومع ذلك، كان... اقرأ المزيد

492

| 22 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية