رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. جاسم الجزاع

* باحث وأكاديمي كويتي
[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

324

د. جاسم الجزاع

علم الإدارة كمدخل لحل الأزمات: العدوان على قطر أنموذجاً

18 سبتمبر 2025 , 02:11ص

الهجوم الأخير الذي شنه الكيان على الدوحة كشف لنا أن الأزمات السياسية لم تعد ينفع أن تدار بالخطابات ولا بالمواقف المؤقتة، بل يجب أن تدار بالقدرة على تحويل الصدمة إلى استراتيجية مستقبلية جديدة وثابتة، وهنا يبرز «علم الإدارة» باعتباره البوصلة المعرفية التي تعيد ترتيب المشهد السياسي، وتمنح الدولة أدوات جديدة للتعامل مع أزمة سياسية معقدة تجمع بين البعد الأمني والسياسي والدبلوماسي.

بداية.. أول ما يقدمه علم الإدارة هو ضرورة بناء الفهم العميق لجذور الأزمة السياسية، فالموضوع لا ينحصر في صاروخ أو عملية عسكرية، بل في معادلات إقليمية، وصراع مصالح متناقضة وإدارة الصراع التنظيمي، والسعي الى سد الفراغات في هيكل المنظومة الامنية الدولية، فالإدارة الرشيدة لا تكتفي بردّ فعل غاضب، بل تفتح ملفات «البيئة المحيطة بالحدث» وتتساءل: أين مواطن الخلل؟ وكيف يُستغل الضعف؟ ومن هم الشركاء الحقيقيون الذين يمكن تحويلهم إلى حائط صدّ أو تأييد ؟

ثم تأتي قاعدة إدارية أخرى وهي مدى القدرة على تحويل الخلافات إلى فرصة للتفاوض وكسب التأييد، فبدلًا من أن يتحول الهجوم إلى هجوم مضاعف، فيمكن عبر إدارة دبلوماسية نشطة – وهذا ما حصل- أن يُستثمر الحدث لكشف ازدواجية المعايير للشارع العربي، وتعزيز تحالفات سياسية جديدة، وربما دفع قوى اقليمية كبرى إلى إعادة حساباتها بشأن أمن الخليج، بل وحتى بعض دول الخليج التي لها موقف من «حماس»، سعت الى تبني موقف إيجابي وتأييد لقطر خشية منها من قابل الأيام من الحليف الذي لم يعد يثقون فيه، فهذه ليست وظيفة السياسة وحدها، بل ثمرة تصميم إداري يُحوّل الأزمة إلى منصة للمكاسب.

ونأتي الآن على نقطة تنشط كثيراً في بيئات علم الإدارة وهي إدارة المعرفة ومنها حفظ البيانات وجودة المعلومات، فلا يمكن لأي قرار أن يكون رشيدًا من دون إدارة بيانات ومعلومات دقيقة، فهنا تحتاج الإدارة السياسية إلى غرف عمليات تُحلّل المعلومات ومنها حركة الرأي العام، واتجاهات الإعلام الرديف والموازي والضد والحليف، وقياس ردود الفعل الدولية، والتفكير في السيناريوهات العسكرية ومنها التحالف مع الترك وغيرهم، فالإدارة الرشيدة تحوّل هذه المعطيات إلى خطط جاهزة للاستخدام السياسي، بحيث لا يبقى القرار رهين العاطفة وردات الفعل.

وأيضاً من المهم معرفة أن علم الإدارة في مثل هذه اللحظات الصعبة يوصي بالعمل على سد أي فجوة قد تُضعف الثقة بين الحكومة – الادارة التنفيذية - والشعب – المستهدفين بالخدمة الحكومية - فالمواطن القطري بحاجة إلى ما يتجاوز الطمأنة اللحظية، بأن يرى أن القرارات المتخذة من قبل الحكومة، مهما كانت صعبة ومليئة بالتبعات، قد بُنيت على وعي استراتيجي وتقدير دقيق للمخاطر، وأن يصبح معيار النجاح السياسي في قطر ليس في سهولة الطريق، بل في مدى إيمان الشعب القطري بأن قيادته اختارت المسار الأصعب دفاعًا عن قيمه وسيادته ومعتقداته وقوميته، فكلما لمس المواطن في قطر أن ما تحمله عقول الإدارة القطرية من مبادئ ورؤى وقيم يتطابق مع إرادته وتطلعاته وقيمه ومبادئه، تَحوّل المجتمع القطري إلى كتلة واحدة تُحصّن الداخل القطري وتمنح القرار السياسي قوة مضاعفة في الخارج، وإن النزاهة الإدارية هي صمام الشرعية السياسية، وإذا رأت الشعوب أن الأزمة تُدار بموضوعية، بعيدًا عن الارتجال أو المصالح الضيقة، فإن الموقف السياسي يكتسب وزنه الأخلاقي في المحافل الدولية وهذا ملاحظ في قراءة موقف الشارع القطري من سياسة حكومته. 

لذلك يتضح لنا أن علم الإدارة علم إنساني يلتقي مع علم السياسة في خدمة قضايا المجتمعات والشعوب، فبينما ترسم السياسة الأهداف، تقدّم الإدارة أدوات التنفيذ وتحويل الرؤى إلى واقع، وقد أثبتت البحوث الأكاديمية أن هذا التكامل ليس افتراضاً بل حقيقة عملية راسخة.

اقرأ المزيد

alsharq محاسبة الكيان المجرم

رغم أن جريمة الاعتداء من قبل الكيان الاسرائيلي المحتل على قطر مثلت تجاوزا لكل المواثيق والاعراف الدولية الا... اقرأ المزيد

42

| 21 سبتمبر 2025

alsharq حقوق المتقاعدين بين القيود والقوانين

في مقالاتنا السابقة تناولنا قضية التقاعد من زوايا متعددة. تحدثنا أولًا عن المطالبة بتعويض كل من تجاوز خدمة... اقرأ المزيد

42

| 21 سبتمبر 2025

alsharq أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في تشريعات هيئة قطر للأسواق المالية أمراً بالغ الأهمية لضمان سلامة... اقرأ المزيد

39

| 21 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية