رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أسامة محمد محمود

مساحة إعلانية

مقالات

726

أسامة محمد محمود

دور معلم الفنون في مدارس قطر

17 أكتوبر 2025 , 01:07ص

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ، هي مزيج من الشغف بالمعرفة، والرغبة في التأثير، والإيمان العميق بأن 

معلم الفنون هو ذلك الشخص الذي يُحوّل أبسط الأدوات إلى تحف فنية، ويجعل من الحصة فسحة حرّة للتفكير خارج الصندوق. نشاطه الدائم وحيويته تملأ المكان، فهو دائم البحث عن طرق جديدة لجذب اهتمام طلابه وتحفيزهم على الإبداع. لا يعرف الروتين، ولا يرضى بالتكرار، بل تجد كل حصة معه تجربة جديدة ومغامرة فنية مختلفة.

ما يميز معلم الفنون هو قدرته على رؤية الجمال في كل شيء، وعلى اكتشاف الموهبة حتى في تلك المحاولات الأولى البسيطة. إنه يعزز الثقة في النفس، ويُشجع طلابه على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم من خلال الرسم، التلوين، التشكيل، والحرف اليدوية. وتشير دراسات تربوية حديثة إلى أن الفنون تسهم بشكل فعّال في تنمية التفكير الإبداعي، والقدرة على حل المشكلات، وتعزيز الذكاء العاطفي لدى الطلاب. وهذا ما يدركه معلم الفنون جيدًا، فيحرص على أن يجعل من حصته مساحة آمنة للخيال والتجريب والتعبير. في زمن تُعلي فيه المجتمعات من قيمة الإبداع والابتكار، يبرز دور معلم الفنون كركيزة أساسية في إعداد جيل قادر على التفكير بحرية، والتفاعل مع العالم بعين فنان، وقلب مُبدع.

الحقيقة أن المجتمعات التي تُقدّر الفن وتُعلي من شأن المبدعين، هي تلك التي تسير نحو التقدم الإنساني والحضاري. ومعلم الفنون في قطر هو حجر الأساس في بناء هذا الوعي الجمالي، لأنه لا يُعلّم الرسم فقط، بل يُعلّم الذوق، ويُدرّب العين على التقاط الجمال في تفاصيل الحياة. في بيئة التعليم الحديثة، لم يعد التدريس المنفصل مجديًا كما في السابق، بل أصبح الدمج والتكامل بين المواد هو السبيل لتعليم أكثر شمولًا وفاعلية. وفي هذا الإطار، يبرز معلم الفنون كشريك حقيقي لبقية التخصصات، لا مجرد مدرس لمادة مستقلة، بل مبدع يُتقن الربط بين الفن وكل مجالات المعرفة. معلم الفنون لا يكتفي بتعليم الرسم والألوان، بل يمتلك القدرة على ربط الحصص الفنية بمفاهيم الرياضيات، كالتماثل، والأشكال الهندسية، والنسب. كما يمكنه تحويل مفاهيم في العلوم إلى مشاريع فنية، مثل دورة الماء، أو الكائنات الحية، من خلال مجسمات ولوحات إبداعية تساعد على الفهم العميق للمعلومة في اللغة العربية واللغات الأخرى، يصبح الفن وسيلة لتعزيز مهارات التعبير، فيرسم الطالب قصته، أو يصمّم غلافًا لكتاب، أو يُجسد مشهدًا مسرحيًا يُرسخ المفردات في ذهنه. أما في الدراسات الاجتماعية، فغالبًا ما يكون معلم الفنون هو من يُعين الطلاب على تصميم الخرائط، أو إعادة بناء التراث بصريًا، ما يُثري معرفتهم بالهوية والثقافة. هذا التكامل لا يحدث صدفة، بل هو نتاج وعي من معلم الفن بأهمية دوره التربوي العميق.

ولأن الفن لا يعيش في عزلة، فإن معلم الفنون الناجح هو من يُجسّد هذه الفلسفة داخل المدرسة، ليصبح جسراً يصل بين المواد، ويصنع من التعلم رحلة ممتعة متعددة الأبعاد.

 

مساحة إعلانية