رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
«ما عشناه أصعب ممّا يمكن لإنسان أن يراه في حياته، لكننا ثابتون على أرضنا»! بهذه الكلمات اختصر مواطن فلسطيني من غزة ما وقع في القطاع لعامين متواليين ودون توقف، ليلا ونهارا، بآلة الحرب والموت «الإسرائيلية»!
وعندما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حَيّز التنفيذ يوم العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2025 صار العالم بأجمعه في حالة هادئة، وكأنه دخل، دون وعي، مرحلة الاحتفال والسعادة والفرح ليقينهم التام أن كل دقيقة تَمُرّ يقتل فيها بريء جديد في غزة، ولهذا كانت السعادة ومظاهر الاحتفال المحلي والعالمي!
ومع الدقائق الأولى لوقف إطلاق النار بدأت الأمواج البشرية لمئات آلاف الغزيين بالهجرة من الجنوب نحو الشمال، رغم أن الأجواء والأرجاء مليئة بآثار وصور القتل والدمار أينما التفتوا، ولكنهم مع ذلك أَصرّوا على العودة لبيوتهم وذكرياتهم!
هذا الإصرار والعشق للأرض، والتمسّك بالوطن رغم الدروب المدمّرة وغير المهيئة للسير يُدلل على أن الفلسطينيين شعب نادر ليس هنالك مثلهم في الأرض اليوم!
عاد الناس لأحيائهم رغم الركام والقنابل، والصواريخ غير المنفلقة، والبيوت الملغمة، عادوا لمنازلهم سيرا على الأقدام ومعهم الكثير من المعوقين، والشيوخ، والأطفال، والنساء لأنهم يعرفون قيمة وطنهم، وأرضهم، وتاريخهم!
ومع هذه المخاطر القاتلة يفترض الآن ادخال فرق خاصة لتخليص القطاع من المخلفات المهلكة لتفادي فقدان المزيد من الأبرياء!
في اليوم التالي للاتفاق بدأت مرحلة جديدة خالية من أصوات المدافع، وأزيز الطائرات لكنها مليئة بالأمل الذي سيُعيد بناء غزة بسواعد أهلها!
في الدقائق الأولى للاتفاق انتشر المئات من عناصر الأمن الداخلي على مفترقات غزة لتأمين الأوضاع، وحماية الناس، وكأنهم استعدوا بعناية لهذه اللحظة!
وشرعت بلدية غزة بفتح الطرقات وبإمكانيات بسيطة، لتُسَهِّل على الناس عودتهم السلسة لأحيائهم المدمرة!
ومع الساعات الأولى للاتفاق بدأ مجاهدو الدفاع المدني بالبحث عن الشهداء بين الركام، وانتشلوا جثامين 150 شهيدا في أول يومين، ويقال بأن هنالك آلاف الجثث المتحلّلة تحت أطنان الحديد والاسمنت!
غزة اليوم مدينة خاوية، تَفتقر للماء والكهرباء والطرقات، والجامعات، وقد أعدم الاحتلال 193 أكاديميا جامعيا وعالما، وهي بلا مدارس حيث دُمّر فيها 670 مدرسة، وبلا مستشفيات، وقد قتل الاحتلال أكثر من 1,700 من العاملين الصحيين، وبلا مخابز، وبلا أسواق، ولكنها مليئة بالإيمان، والأمل، والحب، والاستعداد للتضحية، وإعادة الإعمار!
ونتيجة لهذه الأوضاع المعقدة ينبغي بداية توفير الطعام والمياه الصالحة للشرب، والمستشفيات الميدانية والعلاج داخل القطاع، وكذلك تأمين العلاج خارج غزة، لأكثر من 17 ألف جريح حالتهم خطرة، وتوفير الأطراف الصناعية لخمسة آلاف طفل وفقا لتصريحات «أمجد الشوا»، رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية!
الآلاف من أهالي غزة صُدِمُوا، حينما عادوا، من هول الخراب الذي خَلّفه الاحتلال إلا أنهم لم يَنْكَسِروا، وهم ثابتون رغم أن هنالك 2700 عائلة غَزّية أُبيدت بكامل أفرادها، وأكثر من مليونيّ شخص بلا مأوى!
وهنالك مئات الأدلة على ثبات الغَزّيين وصمودهم، وننقل هنا شهادة لوالد شهيدين من القطاع: «غزة مدرسة للعالم في الرجولة والشجاعة والثبات، وسنبقى مرابطين، وغزة لا تَستسلم رغم الدمار»!
وهكذا سَطّرت غزة انتصارها أمام العالم أجمع، وخير الشهادات تلك التي يُثْبتها العدو، ومنها شهادة الكاتب «نداف هعتسني»، يوم الاتفاق، بصحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية:»بخلاف الفرحة الآنية (بإطلاق المُختطفين)؛ لا يوجد سبب للاحتفال، بل العكس تماما. وفقا للمخطّط الغامض الذي يبدو أنه يَتبلّور، ليس فقط أن حماس انتصرت ونحن خسرنا، بل المستقبل يبعث على قلق أكبر بكثير»!
بعد وقف إطلاق النار، ولأول مرة منذ عامين، رأينا مراسلي القنوات الفضائية يتكلمون دون دموع وخوف ودروع وخُوَذ واقية!
لا شك بأن اليوم التالي لغزة اختبار كبير لإرادة البناء والإعمار والتلاحم المجتمعي والتعايش الإنساني!
وهكذا فإن أهل غزة، المدينة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، تَتَجدد فيهم الحياة والطموح والتمسك بالمبادئ مثلما تَتجدد أمواج البحر الذي عَلّمهم التوكل والصبر والصمود والتمسك بالأمل والمستقبل!
انطلاق الجولة الأولى من المحادثات بين باكستان وأفغانستان برعاية قطرية يعكس مجددًا الدور المحوري الذي تلعبه الدوحة كوسيط... اقرأ المزيد
129
| 19 أكتوبر 2025
ما أشبه اللغة بالجسد، تنمو كما ينمو، وتذبل كما يذبل، وتمر بذات مراحله في التطور، تولد، وتشب، ثم... اقرأ المزيد
222
| 19 أكتوبر 2025
لا شك أن الرئيس دونالد ترامب والوسطاء وخاصة دولة قطر ومصر ومؤخراً تركيا لعبوا دوراً رئيسيا وحاسما بما... اقرأ المزيد
204
| 19 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا صحفيًا لا وجود فيه للصحافة؟ منصة أنيقة، شعارات لامعة، كاميرات معلّقة على الحائط، لكن لا قلم يكتب، ولا ميكروفون يحمل شعار صحيفة، ولا حتى سؤال واحد يوقظ الوعي! تتحدث الجهة المنظمة، تصفق لنفسها، وتغادر القاعة وكأنها أقنعت العالم بينما لم يسمعها أحد أصلًا! لماذا إذن يُسمّى «مؤتمرًا صحفيًا»؟ هل لأنهم اعتادوا أن يضعوا الكلمة فقط في الدعوة دون أن يدركوا معناها؟ أم لأن المواجهة الحقيقية مع الصحفيين باتت تزعج من تعودوا على الكلام الآمن، والتصفيق المضمون؟ أين الصحافة من المشهد؟ الصحافة الحقيقية ليست ديكورًا خلف المنصّة. الصحافة سؤالٌ، وجرأة، وضمير يسائل، لا يصفّق. فحين تغيب الأسئلة، يغيب العقل الجمعي، ويغيب معها جوهر المؤتمر ذاته. ما معنى أن تُقصى الميكروفونات ويُستبدل الحوار ببيانٍ مكتوب؟ منذ متى تحوّل «المؤتمر الصحفي» إلى إعلان تجاري مغلّف بالكلمات؟ ومنذ متى أصبحت الصورة أهم من المضمون؟ الخوف من السؤال. أزمة ثقة أم غياب وعي؟ الخوف من السؤال هو أول مظاهر الضعف في أي مؤسسة. المسؤول الذي يتهرب من الإجابة يعلن – دون أن يدري – فقره في الفكرة، وضعفه في الإقناع. في السياسة والإعلام، الشفافية لا تُمنح، بل تُختبر أمام الميكروفون، لا خلف العدسة. لماذا نخشى الصحفي؟ هل لأننا لا نملك إجابة؟ أم لأننا نخشى أن يكتشف الناس غيابها؟ الحقيقة الغائبة خلف العدسة ما يجري اليوم من «مؤتمرات بلا صحافة» هو تشويه للمفهوم ذاته. فالمؤتمر الصحفي لم يُخلق لتلميع الصورة، بل لكشف الحقيقة. هو مساحة مواجهة بين الكلمة والمسؤول، بين الفعل والتبرير. حين تتحول المنصّة إلى monologue - حديث ذاتي- تفقد الرسالة معناها. فما قيمة خطاب بلا جمهور؟ وما معنى شفافية لا تُختبر؟ في الختام.. المؤتمر بلا صحفيين، كالوطن بلا مواطنين، والصوت بلا صدى. من أراد الظهور، فليجرب الوقوف أمام سؤال صادق. ومن أراد الاحترام فليتحدث أمام من يملك الجرأة على أن يسأله: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟
7902
| 13 أكتوبر 2025
انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟
6816
| 14 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء. فالتعليم يمنح الإطار، بينما التدريب يملأ هذا الإطار بالحياة والفاعلية. في الجامعات تحديدًا، ما زال كثير من الطلاب يتخرجون وهم يحملون شهادات مليئة بالمعرفة النظرية، لكنهم يفتقدون إلى الأدوات التي تمكنهم من دخول سوق العمل بثقة. هنا تكمن الفجوة بين التعليم والتدريب. فبدلاً من أن يُترك الخريج يبحث عن برامج تدريبية بعد التخرج، من الأجدى أن يُغذّى التعليم الجامعي بجرعات تدريبية ممنهجة، وأن يُطرح مسار فرعي بعنوان «إعداد المدرب» ليخرّج طلابًا قادرين على التعلم وتدريب الآخرين معًا. تجارب ناجحة: - ألمانيا: اعتمدت نظام التعليم المزدوج، حيث يقضي الطالب جزءًا من وقته في الجامعة وجزءًا آخر في بيئة العمل والنتيجة سوق عمل كفؤ، ونسب بطالة في أدنى مستوياتها. - كوريا الجنوبية: فرضت التدريب الإلزامي المرتبط بالصناعة، فصار الخريج ملمًا بالنظرية والتطبيق معًا، وكانت النتيجة نهضة صناعية وتقنية عالمية. -كندا: طورت نموذج التعليم التعاوني (Co-op) الذي يدمج الطالب في بيئة العمل خلال سنوات دراسته. هذا أسهم في تخريج طلاب أصحاب خبرة عملية، ووفّر على الدولة تكاليف إعادة التأهيل بعد التخرج. انعكاسات التعليم بلا تدريب: 1. اقتصاديًا: غياب التدريب يزيد الإنفاق الحكومي على إعادة التأهيل. أما إدماج التدريب، فيسرّع اندماج الخريج في السوق ويضاعف الإنتاجية. 2. مهنيًا: الطالب المتدرب يتخرج بخبرة عملية وشبكة علاقات مهنية، ما يمنحه ثقة أكبر وفرصًا أوسع. 3. اجتماعيًا: حين يتقن الشباب المهارات العملية، تقل مستويات الإحباط، ويتحولون من باحثين عن وظيفة إلى صانعين للفرص. حلول عملية مقترحة لقطر: 1. دمج التدريب ضمن المناهج الجامعية: أن تُخصص كل جامعة قطرية 30% من الساعات الدراسية لتطبيقات عملية ميدانية بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص واعتماد التدريب كمتطلب تخرج إلزامي لا يقل عن 200 ساعة. 2. إنشاء مجلس وطني للتكامل بين التعليم والتدريب: يضم وزارتي التعليم والعمل وممثلي الجامعات والقطاع الخاص، ليضع سياسات تربط بين الاحتياج الفعلي في السوق ومخرجات التعليم. 3. تفعيل مراكز تدريب جامعية داخلية: تُدار بالشراكة مع مراكز تدريب وطنية، لتوفير بيئات تدريبية تحاكي الواقع العملي. 4. تحفيز القطاع الخاص على التدريب الميداني. منح حوافز ضريبية أو أولوية في المناقصات للشركات التي توفر فرص تدريب جامعي مستدامة. الخلاصة التعليم بلا تدريب يظل معرفة ناقصة، عاجزة عن حمل الأجيال نحو المستقبل. إنّ إدماج التدريب في التعليم الجامعي، وإيجاد تخصصات فرعية في إعداد المدربين، سيضاعف قيمة التعليم ويحوّله إلى أداة لإطلاق الطاقات لا لتخزين المعلومات. فحين يتحول كل متعلم إلى مُمارس، وكل خريج إلى مدرب، سنشهد تحولًا حقيقيًا في جودة رأس المال البشري في قطر، بما يواكب رؤيتها الوطنية ويقودها نحو تنمية مستدامة.
2838
| 16 أكتوبر 2025