رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ابتسام آل سعد

@Ebtesam777 

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

225

ابتسام آل سعد

قطر ودور يُعتد به

15 أكتوبر 2025 , 05:05ص

وهدأت غزة، وهذا ما كان مهما لدى الملايين من شعوب وربما حكومات العالم الذين عاشوا عامين من الدمار والقتل وصور تقشعر لها الأبدان، جعلت من شوارع أوروبا قنابل موقوتة من غضب شعبي عارم، لا سيما أن هذه الصور كانت تأتينا على شكل أشلاء وأطراف مقطعة لرُضع وأطفال وفتيان ونساء وشيوخ ومشاهد لجثث كانت طعاما للكلاب الضالة التي كانت تنهش بأصحابها على مرأى هذا العالم الذي لطالما تغنى بإنسانيته لتأتي غزة وتفضح هذه الإنسانية المقنعة وتسقط أقنعة أصحابها ممن أصروا على إنسانيتهم ورحمتهم، ولكن يأتي اليوم بتقدير من الله عز وجل أولا وتوفيق منه ليخرس صوت الرصاص وتُلجم الغارات الإسرائيلية بعد جهود مضنية وعمل متواصل لم تتوقف عنه قطر التي يمكن أن يقال عنها إنها بطلة هذه المرحلة دون فضل منها ولا منّة. عملت الدوحة فيه بقدر استطاعتها وتحملت رعونة إسرائيل وصلفها وجحودها لأجل أهل غزة الذين كانوا يطيرون فرحا بأيام الهدن السابقة، رغم علمهم بأنها ستنقضي وسوف تعاود إسرائيل غاراتها، فكيف اليوم واتفاق شرم الشيخ يقول بأنه توقف دائم لهذه الحرب التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين جُلّهم من الرضع والصغار والأطفال وجرحت ما يفوق مائة ألف فلسطيني ودمرت غزة بالكامل ومحت البنية التحتية لها من الأعماق فكيف هو شعور أهل غزة الآن؟ وأنا أعلم بأن مشاعر الفقد والحسرة والألم لا تزال نيرانها تستعر في قلوبهم المكلومة، وسوف تستمر على هذا الحال ربما لأعوام قادمة أيضا ولكني أعلم أيضا بأن هذا الشعب لم تقهره إسرائيل لكي يُقهر الآن وسوف يستطيع أن يلملم جراحه الغائرة وذكرياته المريرة ويبني نفسه من جديد ويطوي صفحات لا تُنسى من الألم والمعاناة والحسرة والقهر والفقد والحرمان؛ لأنه شعب قد اعتاد الألم كما اعتدنا نحن العافية واعتاد الفقد كما اعتدنا نحن الألفة واعتاد المرض وشح الدواء كما اعتدنا نحن العافية وبُعد الداء. ولذا فأنا مثلي مثل ملايين غيري يتابعون فرحة أهل غزة واحتضان كل أب فلسطيني لمن تبقى من أبنائه وبكاء كل أم فلسطينية على شواهد قبور أبنائها ومشاعر السعادة في عودة كل عائلة فلسطينية واكتشافها أن منزلها لا يزال قائما لم تمسه الغارات الإسرائيلية بضرر وإن العودة لدفء جدرانه باتت قريبة وقريبة جدا.

اليوم أنا أحيي بلادي قطر واعذروني إن خصصتها فأنا قد كنت شاهدة على ألمها ومعاناتها واستبسالها الذي شهده العالم كله في تحقيق الهدن السابقة التي اخترقتها إسرائيل التائقة للدم والإبادة ورغبتها المستمرة في التوصل لما يمكن أن يوقف نزيف الدم الغائر في القطاع لدرجة أنها كانت أمام فوهة الهجمات الإسرائيلية على أرضها، رغم أنه كان باستطاعتها أن ترفع يدها عن هذا كله وتسير في ركب الداعين لوقف العدوان وتقريب وجهات النظر، لكنها أصرت على أن تكون طرفا داعما للحق الفلسطيني المكتوب باسم أهل غزة، واهتزت منابر دولية وأممية بكلمات قطرية بدءا من رأس الهرم فيها متمثلا في سمو الشيخ تميم بن حمد ولآخر مسؤول سياسي فيها، تؤكد على أن ما يقع في غزة هو إبادة جماعية تخلت فيها إسرائيل عن كل المبادئ والأخلاق والأعراف والإنسانية وصممت على أن تُظهر للعالم إرهابها ودمويتها وشغفها بالقتل الذي تمتهنه، واليوم هي من تجلس لتوقع على اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وتعهد الرئيس الأمريكي على أن هذا الاتفاق سوف يصمد بين إسرائيل وحماس وأن المساعدات الإنسانية سوف تتدفق على أهل غزة من جميع الجهات وأن قطر دولة يُعتد بها من الثقة والقوة وثبات الرأي والمبدأ وأن دورها لا يمكن الاستهانة به في هذا الاتفاق الذي جعل أهل غزة ولأول مرة منذ عامين ينامون فوق الركام وفوقهم سماء لا تخترقها غارات إسرائيلية تحيل نومهم إلى كابوس وحياتهم إلى شهادة والحمد لله.

مساحة إعلانية