رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد سلعان المري

MohammedSelaan@

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

195

محمد سلعان المري

اقتراح معرض الخليج للكتاب

13 أكتوبر 2025 , 03:59ص

زرتُ معرض الرياض الدولي للكتاب مؤخراً، فوجدتني بين زمنين؛ أسير بين أروقة تمتد امتداد خريطة العالم، فتستحضر ذاكرتي تلقائياً زياراتي لمعارض أوروبية كبرى وما لفتني فيها من ابتكارات ورؤى في العرض والتسويق، فتساءلت من باب المقارنة والافتراض: لماذا لا يكون لدول الخليج معرض موحد ينتقل بين عواصمه؟

تثبت التجارب العالمية أن التكامل الثقافي الإقليمي بات ضرورة إستراتيجية. إذ نجد الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، رغم تنوع لغاته وثقافاته، يدعم سوق نشر تقدر قيمته بـ36 مليار يورو عبر برنامج «كريتيف أوروبا» الذي خصص له للعام المقبل ميزانية قدرها 380 مليون يورو، ضمن ميزانية إجمالية تبلغ 2.44 مليار يورو للفترة 2021-2027. حيث يدعم البرنامج تداول الأعمال الأدبية وتنوعها اللغوي، ويعزز القدرة التنافسية للقطاع من خلال شبكة معارض الكتاب الأوروبية وجائزة الاتحاد الأوروبي للأدب التي كرّمت منذ 2009 أكثر من 175 كاتباً ناشئاً من 41 دولة. 

كما ساهم الحضور الموحد للاتحاد الأوروبي في معرض فرانكفورت التنوع الثقافي الأوروبي لأداة دبلوماسية ناعمة قوية. وفي تجارب ناجحة أخرى تنسّق الدول الإسكندنافية عبر شبكة «نورد ليت» جناحاً شمالياً مشتركاً في معارض لندن وبولونيا، إلى جانب جائزة المجلس الشمالي للأدب التي تمنحها الشبكة منذ 1962. ولا شك أننا حين نضرب المثل بهذه النماذج فذلك لأنها حولت معارض الكتب إلى مشاريع حضارية تعزز الهوية وتخلق أسواقاً إقليمية متكاملة.

وفيما يخصنا نحن، فلدينا في الخليج أساس تكاملي يمكن البناء عليه، من خلال جهود «لجنة المسؤولين عن معارض الكتب» التي تعمل منذ سنوات تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون، وترفع توصياتها لاجتماعات وزراء الثقافة وتناقش الإستراتيجية الثقافية المشتركة، كما يلتقي مديرو المعارض الخليجية دورياً لمتابعة القرارات ومناقشة المبادرات المشتركة. وهو تنسيق من شأنه أن يشكل قاعدة صلبة نحو القفزة النوعية التي يمكن أن يمثلها مشروع معرض خليجي موحد للكتاب. 

لدينا معارض وطنية عريقة تستقطب ملايين الزوار: الدوحة والرياض وأبوظبي والشارقة والكويت والمنامة ومسقط. وكل واحد منها حدث له وزنه الثقافي المتراكم بحد ذاته، وبإضافة مظلة خليجية جامعة لمعرض موحد للكتاب يمكننا على الأقل من ثلاث ميزات إستراتيجية، أولها؛ قوة الحضور الإقليمي في المحافل الدولية، ثانيها إطلاق جائزة خليجية للكتاب تضاهي الجوائز العالمية، وثالث هذه الميزات إيجاد سوق نشر إقليمية موحدة توفر فرصاً اقتصادية حقيقية ومنافسة في الطباعة والتوزيع والترجمة ضمن خريطة سوق النشر وصناعة الكتاب العالمية.

وبذلك يكون المعرض الخليجي المتنقل سنوياً بين عواصمنا تتويجا للمعارض الوطنية، تحمل دوراته شعاراً ثقافياً سنوياً يعكس رؤية المنطقة، كما يستضيف مؤتمرات وندوات خليجية وعربية في مجالات النشر والإبداع على نحو يصبح فيه الموعد واجهة ثقافية كبرى لمواجهة تحديات التحول الرقمي وتأثيره على معدل القراءة، وحضور اللغة العربية من جهة، ويبرهن من جهة أخرى؛ أن الخليج ليس فقط قوة اقتصادية وإنما منارة فكرية قادرة على إنتاج المعرفة وتصديرها إلى العالم، ثم أخيراً تحقيق خطوة جوهرية في مسيرة التكامل الخليجي المستمرة، من شأنها تعزيز الثقل الثقافي بما يوازي الثقل الاقتصادي والسياسي لدول المجلس.

مساحة إعلانية