رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

177

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

قمة الدوحة.. بين التشاور الإقليمي وتطلعات الردع

13 سبتمبر 2025 , 12:41ص

تشهد المنطقة هذه الأيام حالة من الترقب مع الإعلان عن مشاورات عربية وإسلامية للرد على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، تمهيدًا لعقد قمة عربية – إسلامية في الدوحة خلال الأيام المقبلة. وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية التي طالت الأراضي الفلسطينية وامتدت إلى المساس بسيادة دولة قطر، وهو ما يضع القمة المرتقبة أمام اختبار حقيقي: هل ستكتفي بالشعارات، أم تخرج بقرارات رادعة وملزمة ؟

أكد عدد من الباحثين أن الهدف من التشاور الجاري مع الشركاء في المنطقة هو بناء موقف موحّد يواجه التحديات الراهنة. فبدون هذا التنسيق، تبقى المواقف متفرقة ويضعف أثرها على الساحة الدولية. ومن أبرز ما يمكن أن تسفر عنه هذه المشاورات:

- آليات ضغط سياسية ودبلوماسية منسقة على إسرائيل عبر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

- دعم إنساني ولوجستي للفلسطينيين، وتنسيق الحملات الإعلامية والدبلوماسية.

- تفاهمات عملية تضمن استمرارية التحرك وعدم اقتصاره على ردود فعل مؤقتة.

انعقاد القمة في الدوحة يمنحها ثقلًا خاصًا، كونها تجمع بين البعدين العربي والإسلامي في آن واحد. ومن المتوقع أن يصدر عنها: بيان ختامي قوي يدين الاعتداءات الإسرائيلية ويدعم فلسطين وقطر، لجان متابعة وزارية لضمان استمرارية القرارات، إجراءات عملية، مثل تحرك قانوني أمام محكمة العدل الدولية، أو ضغوط اقتصادية منسقة.

غير أنّ التحدي الأبرز يكمن في تنفيذ القرارات؛ فالتجارب السابقة تثبت أنّ كثيرًا من القمم اكتفت بالبيانات دون متابعة حقيقية. رغم التوقعات الشعبية بقرارات حازمة قد تصل إلى استخدام القوة، إلا أنّ القراءة الواقعية تشير إلى أنّ الخيار العسكري الجماعي مستبعد، لاعتبارات عدة:

الانقسام في المواقف العربية والإسلامية، وجود علاقات دبلوماسية وتجارية لبعض الدول مع إسرائيل، الضغوط والقيود الدولية، خصوصًا من الولايات المتحدة وحلفائها.

لكن هذا لا يعني غياب الردع، فهناك أدوات أخرى أكثر واقعية، مثل قطع العلاقات الدبلوماسية، التحرك القانوني الدولي، الضغوط الاقتصادية، والحملات الإعلامية الموحدة.

إن الشعوب تنتظر من قمة الدوحة ما هو أبعد من الخطابات، وتطمح إلى قرارات تترجم إلى أفعال تعيد الثقة بجدوى العمل العربي والإسلامي المشترك. وإذا نجحت القمة في وضع جدول زمني ملزم وخطوات متابعة حقيقية، فقد تمثل بداية لمسار جديد. أما إذا اكتفت بالبيانات، فستُضاف إلى سلسلة القمم التي لم تغيّر في الواقع شيئًا.

إن القمة العربية الإسلامية المرتقبة في الدوحة ليست مجرد اجتماع بروتوكولي، بل لحظة اختبار للأمة: إما أن تتحول إلى محطة مفصلية تؤسس لجبهة رادعة تُجبر إسرائيل على مراجعة حساباتها، أو تبقى خطوة رمزية تفتقد التنفيذ. والقرار في النهاية بيد القادة، فيما تبقى عيون الشعوب معلقة تنتظر أفعالًا لا أقوالًا.

* تبرير الاغتيال العابر للحدود

في خطابه الأخير لم يكتفِ رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بالتعدي على سيادة الدول وتهديدها بصورة مباشرة، بل صعّد عندما استدعى وقائع تاريخية مرتبطة بالولايات المتحدة، محاولًا إسقاطها على واقع مختلف تمامًا .

ففي خطابه أعلن أن أمريكا خاضت حربًا شرسة ضد الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ونجحت في اغتيال أسامة بن لادن في باكستان، ليخلص إلى القول: "اليوم نعود لمكافحة الإرهاب الذي اعتدى على اسرائيل في 7 أكتوبر، أينما كان هذا الإرهاب موجودًا. وعلى قطر والدول الأخرى أن تعلم أن عليها إما تسليم قادة حماس للمحاكمة أو تتحمل نتائج ذلك بأننا سوف نقتلهم."

يحاول نتنياهو أن يمنح نفسه وحكومته شرعية دولية مفتعلة عبر ربط ما جرى في السابع من أكتوبر بالأحداث التي ضربت الولايات المتحدة في 2001. لكنه يتجاهل الفارق الجوهري: ما حدث في فلسطين لم يكن "اعتداءً إرهابيًا" بالمعنى الدولي، بل فعل مقاومة مسلحة ضد احتلال ممتد لعقود، في ظل حصار وقمع ممنهج، وهو ما يقر به القانون الدولي الذي يعترف بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال.

إلا أن نتنياهو، بذكاء سياسي مموّه، يستغل النموذج الأمريكي بعد 11 سبتمبر ليصوّر نفسه كجزء من معركة "العالم الحر" ضد "الإرهاب"، محاولًا إعادة تدوير مصطلحات استُخدمت قديمًا لتبرير الحروب والغزو.

الأخطر في خطاب نتنياهو لم يكن المقارنة التاريخية فحسب، بل التهديد الصريح لسيادة دول بعينها، وعلى رأسها قطر. فالقول بأن على هذه الدول أن تسلم شخصيات أو فصائل فلسطينية "للمحاكمة" وإلا ستواجه "نتائج قاسية" هو إعلان واضح بنية انتهاك القانون الدولي وشن عمليات عابرة للحدود.

هنا يحاول الاحتلال أن يضع نفسه في موقع "الجلاد والقاضي" في آن واحد، متجاوزًا الأعراف الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول، ومُلوِّحًا باستخدام القوة خارج نطاق الأراضي المحتلة.

من خلال استدعاء حادثة اغتيال أسامة بن لادن، يسعى نتنياهو إلى تبرير نهج الاغتيالات الذي تبنته حكومته منذ سنوات، والذي تصاعد في الآونة الأخيرة حتى طاول عواصم عربية وإسلامية. إنه يريد القول: "كما فعلت أمريكا فلنا الحق أن نفعل مثله"، متجاهلًا أن الحالة الفلسطينية حالة تحرر وطني لا يمكن مقارنتها بحركات الإرهاب العابرة للحدود.

بهذا المنطق، يحاول الاحتلال أن يصنع لنفسه مظلة أخلاقية زائفة، يقدمها لجمهوره الداخلي من جهة، ويطرحها أمام الغرب من جهة أخرى ليحصل على دعم سياسي وعسكري أوسع.

إدخال قطر ودول أخرى في دائرة الاتهام يفتح بابًا لتوترات إقليمية جديدة. فبدل أن يبقى الصراع محصورًا بين إسرائيل والفلسطينيين، يحاول نتنياهو أن يوسّعه ليشمل الدول الداعمة أو المتعاطفة مع القضية الفلسطينية.

إذا مضى الاحتلال في هذا النهج التصعيدي، فإن المنطقة مقبلة على مزيد من الاضطراب. فالتهديدات العلنية لدول ذات سيادة قد تدفع إلى ردود فعل دبلوماسية قوية وربما إعادة حسابات في العلاقات الإقليمية. كما أن محاولات تصوير المقاومة الفلسطينية كإرهاب عالمي ستزيد من حدة الانقسام الدولي حول القضية، وتفتح الباب أمام مزيد من الاستقطاب بين الشرق والغرب.

وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الخطاب إلى تقويض دور الوساطة الذي لعبته دول مثل قطر في ملفات حساسة، سواء في غزة أو في قضايا أخرى، ما يعقد أي فرصة للحلول السلمية أو التفاهمات المرحلية.

خطاب نتنياهو الأخير ليس مجرد تصريح عابر، بل هو خطة سياسية محكمة تقوم على التهديد والابتزاز وتزييف الحقائق. فمن خلال استدعاء أحداث 11 سبتمبر واغتيال بن لادن، يحاول أن يمنح نفسه تفويضًا دوليًا لممارسة سياسات عدوانية تتجاوز الحدود، وأن يضع الدول العربية والإسلامية في موقف الدفاع بدل الهجوم.

لكن الحقيقة الثابتة هي أن ما يجري في فلسطين ليس "إرهابًا"، بل مقاومة مشروعة ضد احتلال ممتد. وأن تهديد سيادة الدول لا يغير من الواقع شيئًا، بل يكشف زيف الخطاب الإسرائيلي وازدواجية المعايير الدولية.

** مغالطات نتنياهو تتطلب موقفًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا، يعيد التذكير بجوهر القضية، ويرفض محاولات خلط الأوراق، ويؤكد على أن الحق الفلسطيني لا يمكن تصنيفه تحت أي لافتة سوى الحرية والتحرر.

اقرأ المزيد

alsharq انتهاك السيادة وسؤال الأمة والأزمة.. إلى أين؟

هناك من اختار الحياة والعمران فيها لأن اختياره يوافق طموحه المتألق وطبيعة الخير فيه وهناك من اختار الهدم... اقرأ المزيد

120

| 15 سبتمبر 2025

alsharq هل الاعترافات كافية؟ مقاربة نقدية لأفق الدولة الفلسطينية

في السياسة، لا تكفي النيات الطيبة، ولا حتى الاعترافات المتأخرة، حين لا تُترجم إلى التزام ميداني أو محاسبة... اقرأ المزيد

189

| 15 سبتمبر 2025

alsharq الحاجة إلى نظام أمني جديد في الشرق الأوسط

لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام، فقد كان مسرحًا لمقاومة الاستعمار وحركات الاستقلال، وللانقلابات العسكرية، والحروب... اقرأ المزيد

441

| 15 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية