رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في وقت تتطلع فيه شعوب المنطقة إلى الأمن والاستقرار، تفاجأ الرأي العام بخبر الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية، وهو اعتداء لا يمكن وصفه إلا بالخطير والمرفوض. فسيادة الدول خط أحمر، وأي مساس بها يمثل تعديًا صارخًا على القانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة برمتها.
إن السيادة الوطنية حق لا يقبل المساومة بل تقوم العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وقطر، مثل غيرها من الدول، تملك حقًا أصيلًا في حماية حدودها ومجالها الجوي والبحري. ما قامت به إسرائيل يشكل خرقًا واضحًا لهذه المبادئ، وتعديًا على ركن أساسي من أركان العلاقات الدولية. المسألة هنا ليست حادثة عابرة، بل سابقة خطيرة يجب التصدي لها، لأنها إن مرت دون رد حازم، ستفتح الباب لمزيد من الانتهاكات.
ولا يمكن فصل هذا الاعتداء عن مواقف قطر الثابتة تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. فدولة قطر وقفت دائمًا إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ورفضت أي محاولات لتصفية حقوقه المشروعة. ومن هنا، يبدو أن استهداف قطر رسالة سياسية تهدف إلى الضغط عليها ومعاقبتها على مواقفها المبدئية، ومحاولة إسكات صوتها الداعم للحق الفلسطيني.
إن هذا الاعتداء لا يخص قطر وحدها، بل يهم المنطقة بأسرها. فإذا تمكنت إسرائيل من استباحة سيادة دولة مستقرة مثل قطر، فإن ذلك يهدد أمن دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة. إن استقرار قطر جزء لا يتجزأ من استقرار الخليج، وأي تهديد لها هو تهديد لمنظومة الأمن الخليجي. ولهذا، فإن الرد يجب أن يكون جماعيًا من خلال تعزيز التنسيق الدفاعي والأمني، وإرسال رسالة واضحة بأن المساس بأي دولة خليجية لن يمر مرور الكرام.
قطر دولة صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة في حضورها ودورها السياسي والإعلامي والدبلوماسي. فقد أثبتت قدرتها على أن تكون وسيطًا في النزاعات، وشريكًا في التحالفات الدولية، وصوتًا قويًا للحق في المحافل العالمية. ومن هذا المنطلق، فإن أي اعتداء على سيادتها لن يضعفها، بل سيزيدها إصرارًا على الدفاع عن مصالحها، ومواصلة مواقفها المبدئية. فالسيادة بالنسبة لقطر ليست مجالًا للتفاوض أو التنازل، وإنما حق ثابت تدافع عنه بكل الوسائل المشروعة.
إن المجتمع الدولي مطالب اليوم بأن يثبت جديته في حماية مبادئ القانون الدولي. فإذا كان النظام العالمي يقوم على احترام سيادة الدول، فإن انتهاك السيادة القطرية اختبار حقيقي لهذه المبادئ. لا يكفي الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، بل يجب أن تكون هناك خطوات عملية، من خلال مجلس الأمن والمنظمات الدولية، لإلزام إسرائيل بوقف تجاوزاتها والالتزام بالقانون. فالصمت الدولي على هذه الاعتداءات يشجع إسرائيل على المضي قدمًا في سياساتها العدوانية.
إن التحديات التي تواجه منطقتنا لا يمكن لأي دولة أن تواجهها بمفردها. ومن هنا، فإن التضامن العربي والإسلامي بات ضرورة لا رفاهية. الاعتداء على قطر اليوم يجب أن يُنظر إليه على أنه اعتداء على كل دولة عربية وإسلامية. لقد أثبتت التجارب أن إسرائيل لا تتردد في استهداف أي طرف يقف في وجهها، وبالتالي فإن الرد يجب أن يكون منسقًا وجماعيًا، يعكس وحدة الصف العربي والإسلامي.
دور الإعلام لا يقل أهمية عن المواقف السياسية. إذ يجب أن يتم تسليط الضوء على ما جرى، وتوضيح أبعاده للرأي العام العالمي. من الضروري أن يعرف العالم أن ما تقوم به إسرائيل ليس دفاعًا عن النفس كما تزعم دائمًا، بل سياسة عدوانية تهدف إلى فرض الهيمنة وتكميم الأصوات الحرة. وهنا يأتي دور الإعلام القطري والعربي في كشف الحقيقة والدفاع عن السيادة الوطنية.
الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية يعطينا دروسًا مهمة. أولها أن الاعتماد على القوى الكبرى لحماية الأمن القومي لا يكفي، بل يجب تعزيز القدرات الذاتية والتعاون الإقليمي. وثانيها أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة الردع، وأي تساهل مع تجاوزاتها يعني تشجيعها على المزيد من الاعتداءات. وثالثها أن وحدة الصف هي السلاح الأقوى في مواجهة التحديات.
ما حدث ليس مجرد انتهاك عابر، بل جرس إنذار للمنطقة كلها. على إسرائيل أن تدرك أن احترام سيادة الدول ليس خيارًا، بل التزام قانوني وأخلاقي، وأي تجاوز سيقابل بالرفض والرد المناسب. أما قطر، فقد أثبتت أنها قادرة على الدفاع عن سيادتها ومصالحها، وستبقى ثابتة على مواقفها المبدئية مهما كانت التحديات. السيادة بالنسبة لها حق لا يُساوم عليه، وهي مستعدة لاستخدام كل الوسائل المشروعة لحمايته.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان إلى صدمة؟ (تخيل) أن (جهة ما) استهدفت مقرًا سكنيًا لحركة (ما) في قلب العاصمة، بلا سابق إنذار.الضربة لا تهز مبنى وحسب، بل تهز النفوس، والمجتمع، والتعليم، والجامعات… وحتى صورة المستقبل. هنا السؤال الذي يفرض نفسه؟ إذا اهتزت الدوحة.... من يهتز أولاً ؟ اهتزاز المجتمع… بين الصدمة والصلابة: المجتمع بكامله يدخل في اختبار جماعي عند الأزمات. يولد القلق، ويضعف الإحساس بالأمان، لكن في الوقت نفسه تتكشف فرص لصناعة الصلابة المجتمعية. هذه الصلابة تبدأ من وعي المواطن، وتنمو عبر التعليم وتترسخ عبر ثقافة المسؤولية المشتركة بين الدولة والأفراد. اهتزاز الأمن النفسي… الشرخ الخفي: الأمن النفسي هو الركيزة الأولى لأي مجتمع مستقر. فإذا تصدّع هذا الركن، انهارت معه القدرة على التفكير المتوازن، واتسعت دوائر الخوف والارتباك. الأزمات لا تقتل بالجراح المباشرة وحدها، بل بما تزرعه في النفوس من قلق وشعور بالعجز. أما آن الأوان أن يُنظر إلى الأمن النفسي كأولوية وطنية لا تقل عن الأمن العسكري أو الاقتصادي؟ إنه صمام الأمان الذي يحدد قدرة المجتمع على الصمود أمام أي صدمة، وهو الخط الفاصل بين مجتمع ينهار عند أول اهتزاز، ومجتمع يُعيد ترتيب نفسه ليقف أكثر قوة. الأزمات تكشف هشاشة أو قوة المناهج. التعليم لم يعد مجرد رياضيات وعلوم، بل مهارات حياة، كيف يتعامل الطالب مع الخوف؟ كيف يحافظ على اتزانه النفسي وسط الصدمات؟ وكيف يتحول من ضحية محتملة إلى جزء من الحل؟ المطلوب أن تتحول المناهج إلى منصات لتعليم مهارات التكيف والوعي الأمني. الجامعات القطرية مطالبة بتطوير برامج أكاديمية في الأمن وإدارة الكوارث، وإنشاء مراكز بحث تدرس انعكاسات الأزمات على المجتمع والنفس البشرية. لم تعد الجامعة مجرد منارة للعلم، بل أصبحت درع وعي يحمي المجتمع ويُسهم في استقراره. الاستقرار ليس معطى أبديًا، بل بناء يومي يتطلب وعيًا، تعليما، وتأهيلاً نفسيًا وأمنيًا. هذه الصدمة الافتراضية قد تتحول إلى فرصة وطنية لإعادة التأسيس، مناهج أعمق، جامعات أقوى، وأكاديميات أمنية تندمج في صميم العملية التعليمية. لماذا تؤجل دراسة العلوم السياسية حتى تُطرح كتخصص جامعي، وكأنها شأن خاص بالنخبة أو الباحثين. الوعي السياسي في جوهره وعي وطني، يبدأ من المراحل الدراسية الأولى، مثلما يدرس الطالب الجغرافيا أو التاريخ. إدراج مبادئ العلوم السياسية في المناهج المبكرة يمنح الطلبة أدوات لفهم العالم من حولهم، يعزز انتماءهم الوطني، ويُنمّي لديهم القدرة على قراءة الأزمات والتعامل معها بوعي لا بردود فعل عاطفية. إنه استثمار طويل المدى في جيل يعرف كيف يحمي وطنه بالمعرفة، قبل أن يذود عنه بالفعل. فالدرس الأكبر أن الأزمات، مهما كانت قاسية، قد تُعيد صياغة المستقبل على أسس أصلب وأعمق.إن الرسالة ليست مجرد تحذير افتراضي، بل نداء وطني. أما آن الأوان أن نُعيد صياغة حاضرنا لنضمن مستقبلنا؟ وفي قطر، حيث تحفل الساحة بقيادات واعية، قادرة على اتخاذ قرارات جوهرية، يظل الأمل كبيرًا بأن نُحوّل التحديات إلى فرص، وأن نصوغ من زمن التسارع تاريخًا جديدًا يليق بوطن لا يعرف التراجع.
1572
| 11 سبتمبر 2025
ما جرى بالأمس لم يكن حدثًا عابرًا، بل هجوم أيقظ الضمائر وأسقط الأقنعة، الضربة الصهيونية التي استهدفت مقرًا لقيادات المقاومة أثناء اجتماع لبحث مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، لم تكن مجرد اعتداء عسكري جبان، بل إعلانًا صريحًا بأن هذا الكيان الغاصب قد فقد أوراقه السياسية، ولم يعد يملك سوى منطق العصابة المنفلتة التي لا تعبأ بالقوانين ولا تحترم سيادة الدول ولا تراعي أبسط الأعراف الإنسانية. لقد انكشفت البربرية على حقيقتها، الدولة التي حاولت أن تفرض هيبتها بالحديد والنار، كشفت عن ضعفها وانكسارها أمام العالم، لم يعد في جعبتها إلا لغة الغدر وضربات عشوائية لا تفرّق بين مدني وعسكري، ولا بين أرض محايدة وأرض محتلة، ولا بين عدو ووسيط، تلك العلامات الواضحة لا تعني إلا شيئًا واحدًا: الانهيار من الداخل بعد سقوط صورتها في الخارج. نحن أمام لحظة فارقة، لحظة اختبار للتاريخ: هل سنرتقي إلى مستوى المسؤولية ونحوّل هذا الحدث غير المسبوق إلى بداية لصحوة عربية وإسلامية؟ هل سنشكّل جبهة موحّدة مع شرفاء العالم لنضع حدًا للتواطؤ والتطبيع، ونطرد سفراء الاحتلال من عواصمنا، ونغلق الأبواب التي فُتحت لهم تحت شعارات مضللة لم تجلب سوى الوهم والعار؟ أم سنمضي كأن شيئًا لم يكن؟ إنها فرصة ذهبية لإعادة ترتيب البيت العربي من الداخل، ليست القضية قضية قطر وحدها، بل قضية كل شبر عربي مهدّد اليوم بانتهاك السيادة، وغدًا بالاحتلال الصريح، لقد أثبتت التجارب أن هذا الكيان لا يفهم إلا لغة الردع، ولا يقرأ إلا معادلات القوة، وكل لحظة تأخير تعني مزيدًا من الاستباحة والاستهانة بحقوقنا وكرامتنا. نحن أمة تمتلك أغلب موارد الطاقة ومفاتيح طرق التجارة العالمية، ومع ذلك تُعامل كأطراف ضعيفة في معادلة الصراع، آن الأوان أن نتحرك لا بخطابات رنانة ولا بيانات جوفاء، بل بمواقف عملية تُعيد الهيبة إلى هذه الأمة. لقد أراد الاحتلال من وراء هذه العملية الغادرة أن يوجّه رسالة مرتبطة بمقترح ترامب، مفادها أن لا صوت يعلو فوق صوته، لكن الرد الحقيقي يجب أن يكون أوضح: السيادة لا تُستباح، والقرار لا يُملى من واشنطن ولا من تل أبيب. الغدر هو آخر أوراقهم… فلنجعل وحدتنا أول أوراقنا.
1269
| 10 سبتمبر 2025
على رمالها وسواحلها الهادئة كهدوء أهلها الطيبين حيث لا يعلو صوت فوق هدير وأزيز المعدات والآلات، وعلى منصات النفط والغاز العملاقة العائمة فوق أمواج مياه الخليج، تتجسد قصة إنسان صنع بجهده وعرقه وتضحياته جزءًا من مجد هذا الوطن الغالي. يجلس اليوم في عقده السابع، هادئًا ممسكًا بسبحته على إحدى أريكات كورنيش الدوحة الاسمنتية، يناظر الأفق البعيد وناطحات السحاب، بينما تتلون السماء بوهج الغروب وأطياف الشفق الساحرة، شارد الذهن في ذكريات الماضي الجميل يلفها عباءة الفخر والعزة والحنين. إنها رحلة “مهندس قطري”، امتدت لأكثر من أربعة عقود، سطر خلالها ملحمة من التحدي والصبر والإصرار، وكان شاهدًا على أبرز التحولات في تاريخ بلاده الصناعي. لم تكن تلك المرحلة مفروشة بالورود والرياحين؛ ففي سبعينيات القرن الماضي، كانت قطر تضع لبناتها الأولى في التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما بكميات تجارية. وكان هذا المهندس الشاب جزءًا من تلك النخبة، فلم تكن شهادته الأكاديمية وحدها سلاحه، بل كانت همته العالية وإرادته الصلبة. عمل جنبًا إلى جنب مع زملائه من العرب والآسيويين والأوروبيين، وعمالقة الشركات الصناعة العالمية IOCs, مثل بي بي، يارا (هيدور )، كوبي ستيل،شل، توتال، إكسون موبيل، وشيفرون، وغيرهم، لم تكن هذه الشركات مجرد جهات عمل، بل كانت بحق جامعات ميدانية نقلت إليه وإلى أبناء قطر المخلصين أعلى معايير الدقة والاحترافية والإبداع. في القطاع الصناعي، تعلم فنون الإدارة والإشراف على تلك المصانع العملاقة بكل إتقان وكفاءة على سبيل المثال، اكتسب من الإدارة اليابانية مبدأ “كايزن” (Kaizen)، وتشرب من الادارة الأمريكية “التصنيع الرشيق” (Lean Manufacturing)، ومن الإدارة الأوروبية أجاد أتقان مبدأ “السلامة أولًا” (Safety First). ولكن الأهم من ذلك كان ترسيخ قيم الالتزام، والتسامح، والرقي في التعامل مع الآخرين، فكانت هذه الأسس التي صنعت بيئة عمل متماسكة كالعائلة الواحدة، على الرغم من اختلاف مشاربها الثقافية والعرقية ”Ethnicity”. كانت التحديات هي المحك الحقيقي؛ فالعمل في قطاع الطاقة والصناعة يعني التصدي للمخاطر المهنية اليومية.كالتعامل مع غازات ذات الضغوط العالية التي قد تتجاوز 1000 بار، ودرجات الحرارة التي قد تصل وتتجاوز 900 درجة مئوية، بالإضافة إلى التعامل مع المواد السائلة شديدة الخطورة والصلبة، والعمل تحت لهيب حرارة الصيف ورطوبته العالية. ومرورًا بالظروف القاسية والعزلة العائلية والاجتماعية لفترات طويلة على المنصات البحرية والجزر الصناعية العائمة ( Production Offshore Platforms ). وفي تلك الظروف، كانت اليقظة والدقة هاجسًا دائمًا من أجل السلامة والعودة إلى الأهل والأحبة.هناك، بعيدًا عن دفء الأسرة تذوب الفوارق بين الجنسيات والألوان والثقافات، ليصبح الزميل أخًا وشريكًا في الهدف. لم تكسر هذه الظروف الرجال، بل صقلتهم، وحولتهم إلى قادة قادرين على اتخاذ القرارات المصيرية والحاسمة. ولا نستثني في هذا السياق الإداريين الأفاضل، حيث كان الوصول إلى أعلى هرم الادارة متاحًا بلا حواجز ولا مواعيد مسبقة، فكانوا هم السند الحقيقي والخفي الذي جعل الإدارة حلقةً داعمة وفاعلة تكمل منظومة الجهد الجماعي بين العمل الميداني والمكتبي. ولم تتوقف رحلة هذا المهندس عند حدود الوطن؛ فبعد أن اكتسب خبرة واسعة، حمل راية بلاده إلى أنحاء العالم، من أمريكا إلى آسيا وأوروبا، مشرفًا على مشاريع كبرى، وكان خير سفير للكفاءات القطرية. كانت تلك البعثات والمهمات اغترابًا طوعيًا، وثمنًا دُفع في سبيل اكتساب معاير الريادة العالمية. ورغم صعوبات البعد عن الوطن وحواجز اللغة، أثبت أن “المهندس القطري” قادر على المنافسة وإضافة قيمة في أي مكان ومشروع يذهب إليه. يجلس هذا المهندس الخبير المخضرم اليوم ليس كشاهد على عصر فحسب، بل كمدرسة ومرجعية وطنية يجب استغلالها ومهمته الحالية لا تقل أهمية عن سابقاتها؛ فهو ينقل للأجيال الحاضرة العلم والتقنية الهندسية، ومعهما ينقل إرثًا من القيم: الأخلاق، والإخلاص، والولاء، والدقة، والابتكار. لقد غدا جسرًا انتقلت عبره أفضل الممارسات العالمية لتندمج مع الهوية القطرية الأصيلة، وتشكل نموذج المهندس العالمي الذي لا يتخلى عن جذوره. إن قصة هذا المهندس هي دليل على أن الثروة الحقيقية لا تكمن في باطن الأرض، بل في عقول أبنائها. لقد حول ذاك الجيل الرائد التحدي إلى فرصة، والفرصة إلى إنجاز، والإنجاز إلى إرث خالد تفتخر به الأجيال القادمة. أخيرًا وليس اخرا، تحية إجلال وتقدير إلى رواد الصناعة والطاقة في بلادنا. الذين حوّلوا الصحراء وسواحلها إلى مصانع شامخة ببهائها تتلألأ ليلًا كالجواهر واللآلئ الثمينة، أُقبّل جباههم التي خاضت التحديات وحملت مسؤولية بناء صرح نفخر به امام الجميع والأجيال القادمة، بكل شموخ وأنفة. وأسأل الله أن يتغمد من رحل منهم بواسع رحمته، وأن يوفق الأحياء منهم والأجيال القادمة، ليواصلوا حمل راية العز والفخر. دام عز هذا الوطن ودامت سواعد رجاله الأوفياء ودمتم ……والسلام.
1146
| 08 سبتمبر 2025