رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المحامي يوسف أحمد الزمان

مساحة إعلانية

مقالات

231

المحامي يوسف أحمد الزمان

مع بداية السنة القضائية الجديدة.. نحو قضاء عربي أكثر كفاءة وعدالة

08 سبتمبر 2025 , 03:49ص

مع مطلع شهر سبتمبر من كل عام، تبدأ في معظم الأنظمة القضائية العربية سنة قضائية جديدة، تعاود فيها المحاكم نشاطها في الأنظمة القضائية العربية بجميع درجاتها وأنواعها، ويباشر السادة قضاة المحاكم والمحامون والعاملون أعمالهم ويعود المتقاضون إلى قاعات المحاكم وردهاتها إيذانًا ببدء سنة قضائية جديدة، تتجدد فيها الآمال والطموحات لتكريس قضاء أكثر كفاءة وتجاوبًا مع مقتضيات العصر ومتطلباته المتطورة يومًا بعد يوم.

وتعد هذه المناسبة محطة مهمة لتقييم ما حققه القضاء في كل دولة عربية خلال السنة المنتهية، واستخلاص الدروس والعبر للإفادة منها بتطوير الأداء القضائي وتحسين مستوى خدماته التي يقدمها للجمهور.

جرى العمل لدى معظم الأنظمة القضائية العربية على أنه بعد تمام العطلة أو الإجازة القضائية والتي تستمر من بداية شهر يوليو وحتى شهر سبتمبر على بدء سنة قضائية جديدة بعودة القضاة من إجازاتهم السنوية، وتعود المحاكم إلى نشاطها العادي المكثف مع تجدد الحيوية داخلها من خلال إعادة هيكلة الدوائر، واصدار كشوف التنقلات والترقيات، وتوزيع المهام القضائية والإدارية.

ولا تعد هذه المناسبة مجرد إجراء إداري وإنما محطة لتقييم الأداء، وتصحيح المسار وتعزيز جودة العمل القضائي بإعادة تشكيل الدوائر القضائية، وتوزيع القضاة وفق تخصصهم وخبراتهم، ومعالجة النقص أو الفائض في بعض المحاكم، مع تكليف بعض القضاة بمهام إدارية أو رقابية بما يعزز ذلك من كفاءة الإدارة القضائية بهدف تحقيق الانسجام بين متطلبات العمل وكفاءة رجال القضاء لمواجهة التطور التشريعي والاجتماعي بمواكبة قضائية فعالة سواء بإنشاء دوائر متخصصة جديدة أو دمج أو إلغاء دوائر لم تعد الحاجة إليها ملحة.

وتهدف جميع تلك الإجراءات التي توضع موضع التطبيق لإتاحة الفرصة أمام المحاكم والقضاة لتحقيق ضمان سرعة الفصل في الدعاوى والمنازعات دون الإخلال بقواعد العدالة والمحاكمات المنصفة ذلك أن رسالة القضاء تملي عليه ألا يرضى تحت أي ظرف من الظروف أن يضحي باعتبارات عدالة الحكم، وأصالة الرأي في سبيل سرعة الإنجاز، لأن ذلك ما تأباه رسالته إيمانا بأنه لا خير في كثير غث، ولا في إنتاج لا تباركه الأناة، ولا يصحبه التريث، وإنما تصان الحرمات وترد الحقوق بالحكم الصائب، والرأي المتأني.

إن مراجعة المحاكم لأعمالها وتقييمها مع كل سنة قضائية جديدة وما قبلها من سنوات ليست مجرد نشاط روتيني أو إجراء شكلي، بل هي آلية حيوية يقاس بها مدى نجاعة وفاعلية الأداء القضائي وجودة الأحكام والقرارات الصادرة عنه في حماية الحقوق والحريات، كما أنها فرصة لرصد أحجام القضايا المنجزة ونوعية المعالجات القانونية والاجتهادات القضائية التي تراعي وتتوافق مع قضايا ومنازعات العصر المستحدثة، وكذلك مدى التزام القضاة بمعايير العدالة الواجب تطبيقها والمستندة الى تشريعات ملزمة واجبة الاحترام.

ويظهر جليًا مدى أهمية تقييم المستوى الفني والعلمي للقضاة الذي يبقى حجر الزاوية في تطور وتقدم العدالة الناجزة والتي لا تتحقق إلا بقضاة يمتلكون أدوات علمية رصينة وخبرة عملية متجددة، تمكنهم من فهم النصوص القانونية بروح العصر، والاجتهاد في القضايا الحديثة والمعقدة، وصياغة أحكام واضحة جلية ومعللة تعليلاً يطمئن لها من المتقاضين وهي الاحكام التي تستند إلى أسباب سائغة ومقنعة ناتجة عن محاكمات عادلة نزيهة بإعمال وتطبيق التشريعات باستقلالية وإنصاف تضمن للمتقاضين عدالة الحكم ووضوحه وهو أمر أكدت عليه المحاكم العليا في بعض الدول العربية، بما قررته من أن الحكم يجب أن يكون فيه بذاته ما يُطمئن المطلع عليه أن المحكمة قد تبينت طلبات الخصوم في الدعوى وفحصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وأن تبين في أسبابها الحقيقة التي تثبتت منها وأسست قضاءها عليها.

 لا يقف تطوير العمل القضائي عند الأحكام وحدها، بل يمتد ليشمل تحديث البنية والخدمات المقدمة للمتقاضين عبر استخدام الوسائل الرقمية، وتسهيل الوصول إلى المعلومات والأحكام والمبادئ والاجتهادات القضائية خاصة تلك الصادرة من المحاكم العليا العربية من نقض وتمييز وإبرام، وتهيئة بيئة قضائية تحترم وقت المتقاضين وحقوقهم.

ويتعين التأكيد على ضرورة تعميق الاجتهاد القضائي الذي يبعث الحيوية في النصوص القانونية الجامدة ويجعلها قادرة على التفاعل مع المستجدات ذلك أن القاضي ليس مجرد حارس للنصوص بل هو صانع للعدالة يوازن بين حرفية النص القانوني وروح العدالة في التطبيق.

إن بداية السنة القضائية الجديدة هي فرصة سنوية متجددة تدعو القضاة والمحامين والباحثين والإداريين في كافة الأنظمة القضائية العربية للعمل معًا من أجل رفع جودة العمل القضائي العربي وتعزيز ثقة المجتمعات العربية في القضاء العربي على وجه العموم، وبناء منظومة قضائية رائدة تستجيب لتحديات العصر.

ومن نافلة القول فإن تجديد العهد مع العدالة في هذه المناسبة القضائية السنوية تعد مسؤولية سماوية (دينية) وينظر إليها كواجب ديني ووصية سماوية تهدف إلى تحقيق الحق والإنصاف بين الناس «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ..َ (90)» ويكفي العدل شرفًا أن يمتدح به الله نفسه «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ... (40)» وهي مسؤولية إنسانية (أخلاقية) ومهنية تلزم الجميع بأن يكون العام القضائي الجديد والأعوام القادمة أعوامًا للإنجاز والاجتهاد والإبداع القضائي، ليبقى القضاء العربي منارة للعدل وركيزة للاستقرار وحصنًا يحفظ الحقوق والحريات للأجيال الحاضرة والقادمة.

اقرأ المزيد

alsharq إذا اهتزت الدوحة.. من يهتز أولاً ؟

ماذا لو اهتزت الدوحة؟ ماذا لو تحوّل الأمان إلى صدمة؟ (تخيل) أن (جهة ما) استهدفت مقرًا سكنيًا لحركة... اقرأ المزيد

81

| 11 سبتمبر 2025

alsharq إسرائيل تكشف عن وجهها الحقيقي

المتابع لدور قطر القومي يجده متقدما على دور كثير من الدول العربية والأجنبية، سواء في إدخال مساعدات إلى... اقرأ المزيد

66

| 11 سبتمبر 2025

alsharq إجماع عالمي وتضامن استثنائي مع قطر

تبرز المؤازرة غير المسبوقة ومواقف التضامن الاستثنائية التي أظهرتها كل دول العالم مع دولة قطر، سواء عبر الاتصالات... اقرأ المزيد

69

| 11 سبتمبر 2025

مساحة إعلانية