رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

276

الشيخ د. سعود بن ناصر آل ثاني

الاستثمار في الإنسان قبل البنيان

05 أكتوبر 2025 , 02:50ص

شكرا لكل العاملين في شتى مجالات تنمية الإنسان في دولتي الحبيبة قطر. وشكراً سمو الأمير الذي يستحق أن يشكره كل إنسان في هذا العالم عموماً، وخصوصاً الجهود التي تبذل لمنع استمرار سفك الدم الفلسطيني. إنه لأمر يدعو للفخر حقاً. إن من المهم الاستثمار في الانسان قبل البناء. كيف يحلو لمحللي السياسة التعجل بالحديث عن الاعمار دون ضمان الحاجات الأساسية للإنسان؟! إنه للعجب العجاب. وكأن الإنسان حاله حال الموارد التي يمكن استغلالها والتجارة فيها كما يحلو لهم، أو ليس للإنسان كرامة. لذا ابديت تحفظي على لفظة الموارد البشرية في مقالٍ سابق بالرغم من أنه في مجال خبرتي الإدارية السابقة. إن توفر الحاجات الأساسية للإنسان لهو أولى الأولويات من هواء وماء وغذاء وآمن، ومن ثم يأتي السكن. فكيف يتم الحديث عن إعمار غزة قبل ضمان هذه الأساسيات!

يضع مان فريد ماكس الاحتياجات الإنسانية الأساسية وفقا لمدرسة «تنمية المقياس البشري» وغيره « كأنطونيو إليزا دي ومارتن هوبنهاين»، اعتبار الوجودية ناجمة من حالة خلقه كإنسان وهي مقاييس قليلة، بل محدودة وقابلة للتصنيف (والتي تتميز عن المفهوم التقليدي للحاجات الاقتصادية التقليدية)، وهي غير محصورة وجشعة في مقابل المنظور الإيماني الديني. ولكنها ثابتة لجميع الثقافات البشرية وعبر فترات زمنية تاريخية متفاوتة. والتي قد تتغير عبر الزمن وبين الثقافات المختلفة وهي الاستراتيجيات التي من خلالها تُشبَع هذه الاحتياجات. من المهم أن تفهم عزيزي القارئ أن احتياجات الإنسان كنظام مترابط ومتفاعل. وفي هذه الحالة، لا يوجد تسلسل هرمي للاحتياجات، وبصرف النظر عن أولوية الحاجات الأساسية لمعيشة الإنسان أو البقاء على قيد الحياة، فإن افتراض علماء النفس الغربيين «كاماسلو»، يجعل حدوداً، مثال التزامن والتكامل والمبادلات وهي من أبرز ملامح عملية تلبية الاحتياجات. ولكن تبقى حقيقة استغلال تلك الإستراتيجيات من قبل الدول لدمار الإنسان. فهذه الحاجات والعجز بتلبيتها عن طريق عوامل القهر كالحروب والصراعات التي تواجه الدول المنكوبة، لهو أمر واقعيٌ قاسٍ لا يمكن معالجته بتلك النظريات فحسب.

إن الاستثمار في الإنسان يجب أن يكون قبل البنيان في منطقة كمنطقة قطاع غزة. لذا رأيت مبادرة أسطول الصمود لكسر الحصار الجائر على إخواننا المنكوبين في قطاع غزة من جميع الفئات حول العالم وكثير منهم من المشاهير العالميين لهو أمر يدعو للتفاؤل. فبعضهم باع ما يملك لشعوره الإنساني البحت ويشارك مع هذه المبادرة. فكيف يكون هناك كرامة وشرف وإنسانية لمن يتحدث عن إعادة الإعمار قبل إعادة إعمار الإنسان؟ إن ما يحدث هو مثال حي للاستغلال السياسي المحض للإنسان من قبل الكيان.  وهو يستخدم الأساليب السياسية الدولية وقواعد الترهيب بهدف تعظيم وترسيخ مبدأ الشرعية الدولية وفرض الهيمنة على المجتمع الإنساني داخل القطاع، والذي يغلب على سكانه نكبة الحرب والدمار والنزوح والجوع الذي يستغله النظام السياسي الصهيوني لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية غير المشروعة بمنتهى التوحش واللاإنسانية. 

في نهاية المطاف نرى بارقة الأمل قريبا للفرج الذي نتمنى أن يدوم على أعزائنا المنكوبين في قطاع غزة. فيجب على الأمة التكاتف والتناصر وبذل الجهد ولو بالقليل وإن كان بالدعاء لنصرة المظلومين هناك. مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّّ) رواه مسلم.

مساحة إعلانية