رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فاطمة العصيمي

مساحة إعلانية

مقالات

222

فاطمة العصيمي

الثراء اللغوي.. عودة تحمل الإبداع والتميز

03 أكتوبر 2025 , 12:00ص

في مشهد تربوي يؤكد حضور اللغة العربية كهوية وانتماء، دشّنت مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات يوم الخميس 25 سبتمبر 2025 النسخة الثانية من برنامج الثراء اللغوي، بعد أن حقق في عامه الأول نجاحًا لافتًا جذب الأنظار وأبرز مواهب أدبية واعدة بين الطالبات. المبادرة التي وُلدت العام الماضي لتكون منصّة للإبداع وصقل المهارات، تعود هذا العام بروح أكثر ثراءً وتجديداً، لتجعل من الكلمة مساحة للتعبير، ومن القلم أداة لبناء شخصية متوازنة تعتز بلغتها الوطنية وتواكب العصر بثقة واقتدار.

-المبادرة وأصحاب الفكرة

انبثق برنامج الثراء اللغوي من رؤية تربوية ثاقبة حملتها الأستاذة صيتة الدحابيب، التي أطلقت الفكرة لتكون منارة تعليمية جديدة، وجدت في الأستاذة فاطمة العتيبي شريكةً في تطويرها وتحويلها إلى مشروع واقعي نابض بالحياة. إن هذا التلاقي بين الفكر والإدارة أنتج مبادرة تُعيد الاعتبار للغة العربية في المدارس القطرية، ليس كمنهج دراسي تقليدي فحسب، وإنما كأداة إبداعية تعكس هوية الطالبات وتُعزز انتماءهن الوطني. ومع دعم المديرة الفاضلة أ. سارة الأنصاري، ومساندة النائبة الأكاديمية الأستاذة عبير الجابر، وإشراف المنسقة الأستاذة عفراء النعيمي، أصبح البرنامج أكثر رسوخًا واستمرارية. 

وتؤكد هذه الشراكة التربوية أن المبادرات التعليمية الناجحة تنشأ من التلاقي بين الحلم والالتزام، وأن العمل الجماعي هو سر نجاح أي مشروع تربوي. فالمعلم حين يزرع في طلابه محبة لغتهم، إنما يضع لبنة قوية في بناء أجيال تنطق بالفصاحة وتفكر بوعي وتنتمي بثقة إلى ثقافتها وجذورها.

يقوم برنامج الثراء اللغوي على أهداف استراتيجية واضحة، تعكس التوجه الوطني لدولة قطر في تعزيز التعليم والهوية. ومن هذه الأهداف إبراز جيل من الكاتبات بأقلام قطرية شابة، قادر على التعبير عن ذاته وهويته بثقة. كما يسعى البرنامج إلى تنمية الحصيلة اللغوية عبر استخدام قاموس خاص وملفات إنجاز ترافق كل طالبة في مسيرتها التعليمية، لتوثق خطوات التطور والتقدم. والأهم هو أن البرنامج يسهم بفاعلية في تحقيق رؤية وزارة التربية والتعليم التي تقوم على شعار؛ متعلم ريادي لتنمية مستدامة. فالمتعلم الريادي يحتاج إلى لغة متينة تحمله على التعبير والتفكير والإبداع. ومن خلال هذه الأهداف، يفتح البرنامج أمام الطالبات آفاقًا واسعة، تجعل من العربية ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية، وجسرًا للتواصل مع الماضي والمستقبل، في آن واحد.

يؤكد برنامج الثراء اللغوي أن المدرسة ليست مجرد مكان لتلقي العلوم، بل فضاء حيّ قادر على إنتاج الإبداع وتعزيز الهوية الوطنية. وإن نجاحه في نسخته الأولى، وعودته في نسخته الثانية بروح أكثر قوة وتجديدًا، يعكس أن اللغة العربية لا تزال نابضة بالحياة إذا وُجدت المبادرات التي تزرع فيها الجاذبية وتمنحها الحضور في يوميات الطالبات. وما قدمته مدرسة الوكرة الإعدادية للبنات من تجربة ملهمة هو رسالة إلى كل المؤسسات التعليمية بأن الاستثمار في اللغة العربية هو استثمار في المستقبل، وأن غرس حب العربية في قلوب الناشئة هو غرس لجذور الانتماء والوعي والاعتزاز بالوطن. وهكذا، يغدو برنامج الثراء اللغوي علامة مضيئة في مسيرة التعليم القطري، وخطوة عملية نحو تحقيق رؤية شاملة توازن بين بناء الإنسان وتعزيز الهوية وتخريج أجيال قادرة على الكتابة والإبداع والتجديد.

مساحة إعلانية