رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. عبدالله العمادي

د. عـبــدالله العـمـادي

 

مساحة إعلانية

مقالات

888

د. عبدالله العمادي

من الجيلانية إلى الياسينية !

03 أبريل 2025 , 02:00ص

الشيخ عبدالقادر الجيلاني الذي قال عنه ابن تيمية رحمه الله أنه من أعظم مشايخ زمانه أمراً بالتزام الشرع، والأمر والنهي، وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشايخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية، لعب دوراً مهماً هو وشيخه الإمام أبو حامد الغزالي رحمهما الله، في تهيئة جيل كامل سيكون على يديه تحويل مسار الأمة من مسار الذلة والهزيمة، إلى مسار النصر والعزة.. وبما أن الجميع مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فما الفكرة إذن من تضييع الأوقات والجهود سدى على خلافات مذهبية أو فكرية، وهناك أراض إسلامية محتلة، وعلى رأسها الأقصى المبارك، يعيث فيها الأعداء فساداً؟ هكذا كان الهم عند الغزالي والجيلاني ومن بعدهما الكثير من المصلحين والمجددين..

* واصل الشيخ الجيلاني السير على خطى شيخه الإمام الغزالي إذن لتوحيد الجهود وضبط البوصلة الإسلامية لتتجه نحو الأقصى، حيث استمر في انشاء وتعزيز مدارس تعلم الدين تحت شعار ( لكل مذهبه الفقهي والفكري، والهدف الأسمى هو تحرير القدس من الصليبيين ) حتى إذا ما انتهى المسلمون من تحقيق الهدف الأسمى، واستقرت الأمور، يمكن فتح المجال حينها لمناقشات فكرية وفقهية وغيرها، إن كان الهدف منها الوصول إلى مشتركات وتفاهمات. أما وأراضي المسلمين مغتصبة، فالانشغال عن تحريرها، لاشك هو منكر عظيم لابد من وضع حد له وتغييره بكل الوسائل الممكنة.

عبر تلك العقلية أو النهج، نشأ جيل كامل تربى على تلك المفاهيم في مدارس الغزالي والجيلاني، بعد أن انتشرت في حواضر المسلمين الرئيسية مثل بغداد ودمشق والقاهرة، حتى كان أغلب جند ووزراء ومستشاري الملك العادل نور الدين زنكي من خريجي تلك المدارس، حتى بدا أن الجيل يقترب إلى الجاهزية المطلوبة لتحقيق الأهداف الكبرى للأمة، لكنه يحتاج إلى قائد تربى على النهج نفسه يكمل بهم المسير، فكان هو القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي تربى على يد القائد الرباني نور الدين زنكي، فكان النصر وتحرير الأرض بفضل من الله.

العدو القديم المتجدد

* تدور الأيام ويتفرق المسلمون من جديد، وتضيع نفس الأرض، وتغير العدو هذه المرة. فبعد بعد أن كانت تعيش البؤس والظلم تحت حكم الصليبيين الضالين، تضيع الأمانة بعد سبعة قرون بفعل فاعلين، ومؤامرات متآمرين من غرب وشرق، وتراخ وتخاذل وتهاون من أهل الديار من المسلمين، ليظهر عدو قديم متجدد، اليهود الصهاينة، يكملوا مسير الضالين..

تبدأ فوراً محاولات جهادية مقاومة للعدو اليهودي المتصهين، لكن لم تكن بالمستوى المؤهل لتحرير الأرض، فقد كانت بين مد وجزر، فيما العدو يشتد عدداً وعدة. يأكل من الأرض ما يستطيع بين الحين والحين، حتى تعملق وسيطر وتجبّر.. فكان لزاماً العودة مجدداً لإحياء المفهوم القديم الذي نشره الإمام الغزالي ومن بعده الإمام الجيلاني، والذي على نهجهم سار مجددون كُثُر ومنهم الإمام البنّا، ثم بعدهم يتولى الأمر الشيخ أحمد ياسين، رحمهم الله جميعاً، والذي تتلمذ على منهج الإخوان المسلمين الذي أسسه الإمام حسن البنا، وكلهم طلاب مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.

* لعب الإخوان دوراً في الحفاظ على ما تبقى من فلسطين، ومنه قطاع غزة. لكن تكرار محنتهم في مصر عام 1954 ساهم في إضعاف الوجود المصري العسكري في غزة ليحتلها اليهود الصهاينة، ما جعل فكرة المقاومة المسلحة تنضج من جديد في غزة في سبتمبر 1967، وكان من أبرز المنادين بفكرة التجمع وتأسيس حركة مناهضة مسلحة للاحتلال، هو الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، بعد أن كان مفهوم مواجهة العدو المتغطرس وتحرير الأرض لا يمكن أن تتم إلا بالقوة، واضحة له وضوح الشمس في رابعة النهار.

كان الشيخ ياسين رحمه الله يدرك أن أمر المقاومة المسلحة لعدو كافر متجبر متغطرس، تتطلب تربية إيمانية جهادية وصناعة رجال مؤمنين صادقين، كما كانت المدارس الغزالية والجيلانية ومدارس علماء ربانيين مجاهدين من بعدهما. هذا المفهوم الواضح عند الشيخ ياسين، الذي كان مصاباً بالشلل الرباعي، هو الذي صنع فكرة مقاومة العدو بقوة الساعد والسلاح، بعد التوكل على الله واتخاذ ما يلزم من أسباب القوة، والعمل على تمهيد المسار لتحرير الأرض، حيث اهتم الإخوان في غزة بقيادة الشيخ أحمد ياسين بالبناء التربوي، وفي الوقت نفسه بالبناء الجهادي المادي والمعنوي، بانتظار اللحظة المناسبة التي كانت يوم التاسع من ديسمبر 1987 حين وقعت حادثة دهس متعمدة لأربعة عمال فلسطينيين، فكانت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي أدت إلى أن تشهد الأراضي الفلسطينية غلياناً مشهوداً، ثم يبلغ التوتر حداً أنذر بانفجار أو وقوع حدث ما سيكون له تأثيرٌ بعيد المدى.. فكان ذلكم الحدث هو ولادة حماس، الذي ستلعب دور صلاح الدين الأيوبي بإذن الله.

حرب غزة هي البداية

لم يمض عامان ونصف العام حتى شكلت حماس جناحها العسكري ليحل محل كتائب « المجاهدون الفلسطينيون» وتم تسمية الكتائب الجديدة تحت مسمى كتائب عز الدين القسام، تيمناً وتقديراً للمجاهد السوري الأصل، عز الدين القسام الذي بذر البذور الأولى لفكرة الجهاد المسلح ضد المحتل، وكان من أشعل فتيل الثورة الفلسطينية الأولى ضد المحتلين عام 1935. الجيل المجاهد في غزة الذي نشأ خلال العقود الثلاثة الماضية على يد الشيخ أحمد ياسين، قضى الآلاف منهم شهداء في مقاومة العدو اليهودي المتصهين، لكن ما زالت هناك آلاف مؤلفة من ذلك الجيل، الذي تربى على حب الجهاد والاستشهاد ينتظر دوره، وآلاف مؤلفة أخرى تنتظر دخول تلك المدارس الإيمانية.. ومع ذلك، فإن تحرير الأقصى وكل فلسطين، بحاجة لآلاف أخرى من أقطار مسلمة تتربى في تلك المدارس وعلى ذلك النهج، تكون جيشاً مؤمناً ربانياً ينتظر قائدا ربانيا على غرار صلاح الدين، أو سيف الدين قطز أو محمد الفاتح وأمثالهم، يقودون هذا الجيش لتحرير الأرض التي بارك الله حولها.

استسلام حماس

ضمن سياق الحديث عن غزة وأحداثها، لابد من الإشارة إلى طرفة من طرائف المطبعين المتخاذلين، طرحهم فكرة استسلام حماس والتخلي عن أسلحتها، كأبرز شروط عودة الهدوء إلى القطاع ووقف العدوان، لأجل العيش في سلام وإخاء ونماء، والتحول إلى مقاومة سلمية كدويلة أوسلو العباسية، بدلاً من مقاومة مسلحة لا تنفع بل تضر، أو هكذا الزعم وهكذا الدعاية الإعلامية المضادة. لكن لم يدر بخلد كل أولئك أن هذا الجيل لا يرى ما يرون، ولا يفهم ما يفهمون. ولعل هذا يكشف لك سر التكاتف الصهيوصليبي مع الهندوسي مع بعض العربي المتخاذل ضد غزة، أو حماس تحديداً، باعتبارها آخر حركة مقاومة سنيّة في العالم الإسلامي، وشعلة جهادية نشطة من الممكن أن تكون هادية لكل الأمة النائمة أو المنوّمة، لتزيد من مشاعلها الجهادية، وهذا بالتالي دفع كل أولئك الذئاب اللئام للتكاتف من أجل اطفاء هذه الشعلة وبكل الطرق والوسائل، من قبل أن تنير العالم المسلم المظلم..

* خلاصة الحديث، أن المفهوم واضح، والمنهج أوضح، والمدارس الربانية اشتغلت فعلياً في غزة طوال ثلاثة عقود مضت، والمطلوب المزيد منها حول غزة فالأبعد ثم الأبعد، فقد حان أوان مقاومة الظلم والظلام اليهودي المتصهين وكل من يقف في صفه أو يدور في فلكه، بكل الوسائل الممكنة، وقوة السلاح بالطبع على رأس تلك الوسائل.

إنّ ما جرى في غزة منذ السابع من أكتوبر الفائت، نعتقد أنها كانت البداية الفعلية لتجسيد دروس التربية الإيمانية الجهادية ومقاومة الظلم على أرض الواقع، وإنه مهما فجر وتجبّر هذا العدو ومن معه، فإن فجورهم وتجبرهم الآن أشبه بالتحركات الأخيرة اليائسة للغريق. نعم إن هذا العدو يغرق، وسيغرق كثيرون معه بإذن الله، وإن بدا للعيان أنه منتصر متفوق، فالعبرة دوماً بالخواتيم. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اقرأ المزيد

alsharq تأهيل ذوي الإعاقة مسؤولية مجتمع

لم يعد الحديث عن تأهيل ذوي الإعاقة مجرد شأن إنساني أو اجتماعي بحت، بل أصبح قضية تنموية شاملة... اقرأ المزيد

207

| 24 أكتوبر 2025

alsharq منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز بالتّجدّد وتظهر دائما من خلال المشاريع الجديدة العملاقة المعتمدة على... اقرأ المزيد

693

| 24 أكتوبر 2025

alsharq لا تنتظر الآخرين لتحقيق النجاح

في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا غالبا ما نعتمد على الآخرين لتحقيق النجاح والسعادة. نعتمد على أصدقائنا وعائلتنا وزملائنا... اقرأ المزيد

120

| 24 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية