رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نائب رئيس المجلس البلدي المركزي (سابقاً)

مساحة إعلانية

مقالات

333

د. م. جاسم عبدالله جاسم ربيعة المالكي

نتنياهو وخطة ترامب

02 أكتوبر 2025 , 04:51ص

في خضم الجدل السياسي المحتدم في إسرائيل والمنطقة، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح جديد يؤكد فيه أن حكومته لم ولن توافق على إقامة دولة فلسطينية، نافياً بشكل قاطع أن يكون قد اتفق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هذا الأمر. وقال نتنياهو في تسجيل مصوّر: «لم يكن هناك أي اتفاق مع ترامب على إقامة دولة للفلسطينيين، والخطة لم تتضمن ذلك إطلاقاً. السيادة الأمنية ستبقى بيد إسرائيل، والجيش الإسرائيلي سيواصل انتشاره الكامل بما في ذلك في غزة».

 هذا النفي يأتي في توقيت حساس بالنسبة لنتنياهو، الذي يواجه انتقادات متصاعدة من المعارضة وبعض الأصوات داخل المجتمع الإسرائيلي. فخصومه السياسيون يتهمونه بأنه قدّم تنازلات ضمنية خلال فترة إدارة ترامب، التي طرحت «صفقة القرن» متحدثة عن «كيان فلسطيني» بشروط محدودة. ومن هنا، يسعى نتنياهو إلى إظهار نفسه أمام جمهوره – وخاصة اليمين المتشدد – باعتباره الحارس الأمين لفكرة «أرض إسرائيل الكبرى» الرافضة لأي سيادة فلسطينية.

لا يمكن فصل هذا الموقف عن اعتبارات السياسة الداخلية. فنتنياهو يدرك أن أي إشارة لقبوله بدولة فلسطينية قد تكلّفه خسارة دعم الأحزاب اليمينية المتشددة التي تُشكّل ركيزة أساسية في ائتلافه الحكومي. ومن ثمّ فإن إنكاره لأي تفاهم سابق مع ترامب ليس مجرد موقف سياسي، بل هو محاولة لطمأنة قواعده الانتخابية والتأكيد على أن مسألة الدولة الفلسطينية «خارج الحسابات».

في الوقت نفسه، يبعث نتنياهو برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن حكومته لن تنخرط في أي مسار يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة. وهذا يعكس سياسة ثابتة لدى اليمين الإسرائيلي، تقوم على إدارة الصراع بدلاً من حله، والإبقاء على السيطرة الأمنية الكاملة. ورغم أن بعض الأطراف الغربية لا تزال تتحدث عن «حل الدولتين»، فإن خطاب نتنياهو يُغلق الباب عملياً أمام هذا الخيار، ويجعل أي جهود لإحياء المفاوضات أكثر تعقيداً.

 اللافت أن خطة ترامب للسلام، المعروفة إعلامياً بـ «صفقة القرن»، كانت قد تحدثت عن إمكانية إقامة «كيان فلسطيني» على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن بشروط مشددة تجعل السيادة الفعلية بيد إسرائيل. ورغم أن الخطة لم تُترجم إلى واقع عملي بسبب رفض الفلسطينيين لها، إلا أن إنكار نتنياهو لأي تفاهم بهذا الشأن يكشف حرصه على التنصل من أي التزامات قد تُفهم على أنها تراجع عن مواقفه التقليدية.

 إن نفي نتنياهو لا يقتصر على كونه تصريحاً سياسياً عادياً، بل هو مؤشر على انسداد الأفق أمام أي تسوية سياسية شاملة. فغياب الاستعداد الإسرائيلي للاعتراف بدولة فلسطينية، يقابله رفض فلسطيني للقبول بأي حلول منقوصة، ما يعني أن دائرة الصراع ستظل تدور في حلقة مفرغة من التوتر والعنف وعدم الاستقرار.

يبدو أن تصريح نتنياهو الأخير جزء من إستراتيجية مدروسة تهدف إلى تثبيت قناعات الداخل الإسرائيلي، ورفض الضغوط الخارجية، وإبقاء الوضع القائم كما هو. وفي ضوء هذا الموقف، فإن إمكانية تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة تظل بعيدة المنال، بينما تتجه الأمور نحو المزيد من التعقيد السياسي والانسداد الدبلوماسي.

مساحة إعلانية