رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

روضة مبارك راشد العامري

مساحة إعلانية

مقالات

609

روضة مبارك راشد العامري

بين جذور المجالس وتيارات الشاشات

02 أكتوبر 2025 , 04:52ص

في قطر، كما في غيرها من مجتمعات الخليج، لم تكن الهوية يوماً مجرد رواية موروثة، بل كانت دومًا نسيجًا حيًا من الروح والذاكرة والمكان. من رائحة السمر في المجالس، إلى نبرة الجدات حين يروين الحكايات، إلى سكون البحر حين كان مصدر الرزق والخوف والرجاء.

ولكن ما الذي يحدث حين تتعالى فوق هذه الأصوات نغمة أكثر بريقًا، وأكثر سرعة، نغمة تصدر من شاشة صغيرة، لا رائحة لها ولا ذاكرة، لكنها قادرة على أسر القلوب وتوجيه الأنظار؟

جيل اليوم في قطر يعيش على مفترق دقيق، بين أصالة تهمس في أذنه، وحداثة تصرخ في وجهه. يرى في مجالس آبائه رمزًا للانتماء، لكنه يُغرَّى بمحتوى لحظي يشده إلى عوالم أخرى. يرى في عباءته وقارًا، لكنه يتأمل في عيون المؤثرين صورةً لما يراه «عصريًا».

هل فقدنا البوصلة؟ أم أننا فقط نعيش توترنا الطبيعي بين الانتماء والتغيير؟

حين كتب إدوارد سعيد أن الهوية تُصاغ في التوتر، لم يكن يتحدث عن نفي الماضي، بل عن إفساح المجال له ليحاور الحاضر. هو لم يكن ضد التغيير، بل ضد التغييب.

وهذا بالضبط ما نحتاجه اليوم في قطر: أن نصوغ هويتنا كحوار بين ما كنا عليه، وما يمكن أن نكونه، لا كقطيعة بين جيلين، ولا كصراع بين «تطبيق» و»تقليد».

فالفتاة القطرية التي تعيش اليوم بين جامعتها المحلية ومحتوى عالمي على هاتفها، ليست غريبة على مجتمعها، لكنها تطلب فهمًا مختلفًا، لا تسطيحًا ولا وعظًا. والشاب الذي يلبس الثوب ويقتبس كلمات أجنبية في تغريداته، لا يبحث عن الفُرقة، بل عن مساحة آمنة للانتماء المعاصر.

ليست المسألة في المظهر، بل في العمق. في طريقة التفكير، في نوع الأحلام، في حدود الطموح. فيما إذا كانت قصص المؤثرين ستُغني خياله أكثر من سيرة أجداده، وفيما إذا كانت لهجته القطرية ستبقى عفوية على لسانه، أم يُضطر لاستبدالها كي يُقبل صوته في عالم رقمي لا يعترف بالخصوصية.

الهوية القطرية اليوم ليست في خطر لأن العالم تغير، بل لأنها لم تُصغ من الداخل بوعي كافٍ لما نريده أن يبقى، وما يمكن أن يتغير. الهوية ليست جدارًا نحتمي به من الخارج، بل طريقٌ نعبّده ونحن نسير فيه، بكل ما نحمل من وجدان وذاكرة وذكاء.

علينا، كمجتمع، أن نعيد الاعتبار لهذا التوتر الخلاق بين الانتماء والتغيير.

ألا نخافه، بل نصادقه.

ألا نُفرّط بالجذور، ولا نتجمد أمام الأغصان الجديدة.

ففي وطنٍ يشبه قطر، حيث يلتقي البحر بالصحراء، والتقاليد بالتطلعات، والذاكرة بالتحوّل، ليس أمامنا إلا أن نكتب حكايتنا بأنفسنا، لا أن نُترك ليكتبها لنا ضجيج الآخرين.

اقرأ المزيد

alsharq لا نريدها هدنة مؤقتة

أثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي استوقفني أحدهم ممن يصفونهم بالمنجمين والذين يدّعون العلم بالمستقبل ولا يعلم بالغيب سوى... اقرأ المزيد

210

| 05 أكتوبر 2025

alsharq يوم المعلم.. مهنة لن تختفي

يقول الاسكندر الأكبر: أنا مدين لمعلمي لأنه قدم لي حياة جديدة. يحتفل العالم أجمع بيوم المعلم الذي ينظم... اقرأ المزيد

174

| 05 أكتوبر 2025

alsharq المبادرة.. وتداعيات حرب الإبادة

ضغوط عالمية وداخلية شعبية لوقف الحرب وانهاء الابادة، تسارع مكوكي لا يوصف في مفاوضات الصلح بين حماس واسرائيل... اقرأ المزيد

120

| 05 أكتوبر 2025

مساحة إعلانية